12 سنة كاملة عاشها أحمد محمد أبو المكارم، في سلسلة من الآلام، بين اكتشاف إصابته بمرض «ضمور في العضلات»، ووفاة والدته حزنا عليه، بعد أن أخبرها الطبيب بأنّ «ابنك هيموت بعد شهر يا حاجة خديه وامشي»، حيث كان للقدر رأي آخر، عاش الابن وماتت الأم بعد أسبوعين من حديثها مع الطبيب، دخل بعدها أحمد في نوبة اكتئاب شديد، رفص خلالها مغادرة منزله أو لقاء أحد، يغفو كل ليلة منذ 6 سنوات، وصورة والدته في أحضانه، ويبكيها وكأنّها غادرت بالأمس.
بشيله على كتفي
كانت أسرة محمد أبوالمكارم تعيش حياة هادئة مستقرة، الأب والأم وابنائهما، حتى فوجئت الأسرة الصغيرة التي تعيش في قرية شبراريس بمحافظة البحيرة، بإصابة طفلها «أحمد» بـ«ضمور في العضلات»، ومع الوقت تدهورت حالة الصغير الذي كان يبلغ 9 أعوام حين اكتشفت أسرته إصابته بالمرض.
بكلمات يملؤها الأسى، تحدّث الأبذي يعمل «أرزقي» إلى «الوطن» عن مرض نجله، حيث واجه منذ اكتشاف إصابته صعوبة بالغة في المشي، اضطر معها والده ووالدته الراحلة لحمله على أكتافهما والذهاب به إلى المدرسة، التي تركها بعد فترة صغيرة من مرضه بسبب «التنمر».
«ابني بطل يروح المدرسة من وهو صغير، عشان زمايله كانوا بيتنمروا عليه، ساب المدرسة وهو في رابعة ابتدائي».. قال الأب، الذي أكد أنّه ووالدة ابنه الراحل لم يكلا أو يملا من علاج طفلهما: «عالجناه كتير ورحنا بيه لدكاترة كتير، لكن مكانش في أي تحسن».
عاني أبو المكارم بشدة بعد وفاة زوجته، حيث كانت داعمة ومساندة له في مرض ابنهما وفي الحياة عامة، وعانى معه نجلهما، يقول الأب: «مراتي اتوفت من الصدمة بعد كلام الدكتور معاها ان مفيش فايدة من العلاج وان الولد هيموت، وعانينا كتير بعد ما ماتت».
ابنك هيموت
عانت والدة أحمد من مرضها بالسرطان، لكنها لم تهمل يوما في علاج ابنها والاهتمام به، وقررت الذهاب لطبيب جديد بعد ما شاهدته من تدهور حالة ابنها، آملة أن تجد عنده ما يثلج صدرها ويرد طمأنينتها إليها بشفاء ابنها، لكن ما سمعته من الطبيب كان قاسيا، بحسب رواية زوجها: «الدكتور الجديد قالها ابنك مش هيعيش خديه وروحي، ومن ساعة ما سمعت الجملة دي وحالتها ساءت يوم بعد يوم، لحد ما في يوم صحيت لقيتها ماتت، كان عندها سرطان وأي زعل كان بيأثر عليها».
بعد وفاة الأم، دخل «أحمد» في نوبة اكتئاب شديدة، ظنّا منه أنّه السبب في وفاتها بعد حزنها عليه: «رفض الخروج من أوضته، مكانش بيقابل حد ولا بيتكلم مع حد وبيتكسف يمشي في الشارع، والعيال الصغيرة بيتريأوا عليه عشان مبيمشيش، ويا إما أنا بشيله أو حد من اخواته»، قال الأب، متمنيّا أن يتبرع أحد لنجله بكرسي كهربائي كي يكون قادرة على الحركة وحده، دون الاستعانة بأحد.
يعتمد الأب في قوت يومه على الأجرة اليومية من عمل هنا أو هناك، حيث لا يملك دخلا ثابتا، ولا يستطيع على سد تكاليف علاج نجله، ومؤخرا اضطر للزواج بسيدة لمساعدته على رعاية نجله: «أنا اللي بأكله بإيدي وبشربه وبحميه وبغير له، ومراتي ست طيبة بتساعدني، أنا عارف أن ابني مش هيمشي تاني، بس عايز ولاد الحلال يجيبوا له كرسي كهربائي».ذ
تعليقات الفيسبوك