داخل غرفتها البسيطة التي تزدحم بالرسومات والألوان التي تمنحها بهجة واسعة، يتوسطهم «طبق وملعقة وخلة أسنان» تهرول إليهم كلما زارتها فكرة مميزة أو لمعرفتها بوفاة فنان بارز أثر بها، لتصنع صورة له بالعسل الأسود الممزوج بالطحينة البيضاء.
بعد أن توفى الفنانين يوسف شعبان وأحلام الجريتلي، في يوم واحد، جمعتهم سالي مجدي، 25 عاما، في نفس اللوحة التي صنعتها على طبقها الخاص، في رسمها مستخدمة العسل الأسود، في أقل من ساعة، لنعيهم وإحياء ذكراهم عبر صفحتها ومواقع التواصل الاجتماعي بالذكر والدعاء، والتي مازالت تحتفظ بها داخل ثلاجتها حتى الآن، حيث تراهم قدموا فنا مميزا محترما أثر بها في مراحل عمرها المختلفة.
لم تكن تلك هي أولى رسومات سالي مجدي، خريجة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية ببني سويف، للفنانين الراحلين، فسبق أن صنعت آخرين للفنانة رجاء الجداوي وحسن حسني وزبيدة ثروت والعندليب وغيرهم، حيث تفرغت لموهبتها منذ تخرجها، بدعم بالغ من والدها الرسام أيضا، والذي اكتشف قدراتها منذ صغرها، ليصقلها بإستمرار، خاصة خلال فترات الإجازة، ثم تطويرها باستخدام الأدوات المختلفة والجديدة، لذلك حصلت على المركز الأول في جامعة بني سويف بمسابقة الرسم، حينما كانت في العام الدراسي الأول بها.
استمرت الشابة العشرينية في ممارسة موهبتها بعد إنهائها الدراسة الجامعية لتحولها إلى مهنة خاصة بها، لتستغل فترة الموجة الأولى من كورونا باكتساب المزيد من الإبداع، وجعلتها بابا للإبداع، لتصنع «أفكار بره الصندوق»، فصنعت لوحات من الملح والفلفل الأسود والنعناع والشاي والنسكافية والكاتشب، ونشرتها عبر صفحتها ومجموعات موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، وهو ما لاقي إعجابا كبيرا بين الكثيرين.
«سالي» ترسم بالمربى والمحشي والكشري.. وحقيبتها تتكون من «طبق وخلة ومعلقة»
ومن خلال إحدى المسابقات على واحدة من الصفحات الشهيرة للترويج لأحد أنواع «المربى» عبر طرح أكلة مختلفة، فكرت «سالي» في تصميم رسومات باستخدام المربى، وبالفعل صنعت لوحات لفنانين الزمن الجميل من أم كلثوم وفريد الأطرش واسمهان وغيرهم، ما حصد إعجابا كبيرا أيضا، لتحصد الفوز بالمسابقة، ومن ثم غيرها في منافسات عديدة.
الرسم بالعسل الأسود، ولدت تلك الفكرة لدى سالي بعد معرفتها بنقص الهيموجلوبين لديها، وحثها على تناول أطعمة محددة من بينها العسل، لتقضي 7 ساعات في صناعة أول رسمة به، حتى تمكنت من التحكم فيه بإضافة نسبة قليلة من الطحين الأبيض، واستخدام خلة الأسنان لإزالة الحواف.
بعد نجاحها في استخدام تلك المواد، استغلت الفنانة العشرينية جميع المأكولات التي تقابلها لصناعة لوحات مختلفة للمشاهير، منها الكشري والمحشي وعجينة الكريب، بجانب إجازتها لصناعة لوحات بالفحم والألوان كعمل خاص بها.
«بشيل في شنطتي دايما الطبق والمعلقة والخل».. بخلاف العديد من الفتيات تحتفظ سالي مجدي بتلك الادوات في حقيبتها، حتى تتمكن من رسم أي فكرة تطرأ على ذهنها، قائلة: «مرة كنت في كافيه وفيه عيد ميلاد رسمتلهم عمرو دياب ومرة تانية رسمت فيفي عبده على الطبق»، وتتمنى الرسامة إقامة معرض لعرض رسوماتها ولوحاتها المختلفة بين الجمهور في القاهرة.
تعليقات الفيسبوك