استيقظت حنان مبارك، 38 عاماً، مبكراً كعادتها، عقدت العزم على الذهاب للقاء محاميها، لرفع دعوى نفقة لأولادها الأربعة بعد انفصالها عن زوجها منذ 5 أعوام، وعقب انتهائها من اللقاء، وأثناء قضاء احتياجاتها من منطقة المزلقات بعاصمة كفر الشيخ، وقعت عيناها على سيدة مُسنة عاجزة تجلس على كرسي متحرك.. بادرت المُسنة بطلب مساعدة من الزوجة الثلاثينية، لتقرر الآخيرة تبنيها ورعايتها.
لم تمر نحو ساعة إلا وكانت السيدة المسنة فاطمة عبد الفتاح البالغة من العمر نحو 65 عاماً، تجلس في منزل «حنان»، المؤجر، وسط أولادها: «كنت رايحة اشتري طماطم وخيار علشان أروح لعيالي، وفجأة لقيت ست مسنة قاعدة على كرسي متحرك، وعينيها كانت بتتلقف أي حد علشان يساعدها تعدي شريط القطار، ساعدتها وحسيت إنها عاوزة تبكي، فسألتها حكتلي قصتها إنها قاعدة في عشة فوق السطوح مع أخوها اللي بيطردها من وقت للتاني، روحت معاها لقيت المكان غير آدمي، شوفت الدمعة في عنيها فنزلت ولقيتها بتكلمني تقولي تعالي خديني معاكي لله»، بهذه العبارات وصفت حنان مبارك مآساة الحاجة فاطمة.
وقالت حنان لـ« الوطن»: «لما قالتلي خدينى.. الدنيا ضلمت في وشي، أنا سيدة مطلقة ومعايا 4 أولاد وليس لي أي دخل، باشتغل بدراعي في فرن عيش، الست صعبت عليا خدتها بيتي وشرحت لأولادي قصتها قالولي ياماما رزقنا على الله، وأنا اعتبرتها زي أمي، وبراعيها وبخدمها وبشتري ليها علاجها، للأسف كانت عايشة في مكان أشبه بالعشة، وكان أخوها بيعاملها معاملة سيئة، ورابطة سبت تحت السرير فيها لقمتين عيش، حالها صعب عليا».
لم تمر أيام، حتى أصيبت الضيفة بكورونا، ليضع الله الزوجة الثلاثينية في اختبار جديد لكنه صعب: «في يوم دخلت في غيوبة واكتشفت إن عندها السكر والضغط، وخدتها على المستشفى أكتشفنا إصابتها بكورونا حسيت أن ربنا وضعني في اختبار، ومكنش ينفع أرميها في نص الطريق، خدتها عزلتها في البيت وكنت برعاها، لحد ما ربنا نجاها من الفيروس اللعين، ورغم أنى لا أملك من حطام الدنيا شيئاً لكن الحمدلله عالجتها وبرعاها بقالي أكتر من 5 شهور».
«لما سمعت إن فيه تقديم على منحة من القوى العاملة نزلت على المحافظة أسأل، ونفسي بس في معاش تكافل وكرامة أو أي حاجة تساعدني، عندي 4 أولاد أكبرهم هالة 16 سنة، والتوأم سحر وأحمد 12 سنة ومريم 8 سنوات»، قالتها حنان.
مر نحو 20 يوماً في البداية ولم يتصل شقيق الحاجة فاطمة بها للإطمئنان عليها، لكنه اتصل بها ليحصل على معاشها: «عدى 20 يوم وأخوها مسألش عليها إلا لما جه ميعاد قبضها، عارف إنها بتقبض 420 جنيه معاش، وأنا رفضت يخدها علشان ميرمهاش تاني، وأنا بشتغل من 3 الفجر لحد 10 الصبح، في فرن علشان أقدر أصرف على أولادي، بقالي 3سنين ونص على الحال ده، وعايشة في بيت بالإيجار».
لم تتمن السيدة المطلقة من الدنيا شيئاً سوى أن يكافئها الله وترعاها الدولة هي وأطفالها والسيدة المسنة: «نفسي بس في معاش، والحاجة فاطمة اعتبرتها أمي، وإن شاء الله هتفضل قاعدة معايا، ونفسي في شقة من ضمن شقق الأولى بالرعاية، فأنا لم أحصل على نفقة وعايشة بالإيجار».
تعليقات الفيسبوك