على كورنيش مدينة الزقازيق بين الجالسين من الأحباء والأهالي، الذين ضاقت بهم سبل التنزه فاختاروا الهواء العليل على امتداد كورنيش مدينتهم، وقف شاب مخرجا آلته الموسيقية من الحقيبة على كتفه، وأوصلها بسماعات وضعها على الأرض عازفًا مقطوعات مختلفة يطرب بها آذان الجالسين، ويجمّل بصوت آلته جلستهم الساكنة.
لم تكن تلك اللحظات سعيدة فقط على الجالسين، بل هى المتنفس الوحيد لمحمد صبري، 26 عاما، والشهير بـ«ريكو»، بعد ساعات من العمل الشاق كعامل صيانة في أحد المصانع، بحسب حديثه لـ«الوطن».
ساعات عمل شاق بالمصنع ومتنفس ليلي بالموسيقى
في النهار يذهب «ريكو» خريج الثانوية الصناعية بنظام الخمس سنوات، إلى المصنع الذي عمل به فور تخرجه منذ 7 سنوات، وفي الليل يلعب موسيقته بين المارة وعلى الأرصفة، بعد أن اكتشف موهبته السمعية والفطرية في تحويل الأصوات إلى ألحان باستخدام آلاته.
بدأ «ريكو» منذ سنوات في شراء الآلات الموسيقية وأولها كان «ريكوردر»، ثم انتقل إلى «فلوت»، ورغبة منه في إصقال موهبته التحق بكلية تربية موسيقية حلوان لمدة 3 أشهر، وبدأ التعمق في آلات النفخ من «كلارينيت» إلى أن استقر على «ساكسفون» منذ عام.
يستأذن عازف الساكسفون أحيانًا من عمله في حالة مشاركته بحفلة ما، أو التجهيز لأحد الأفراح التي يلعب فيها موسيقاه، «بالنسبالي استمتاع قبل مايكون عائد مادي»، وفي الشارع عزفه للموسيقى أمام المارة له أهداف أخرى «بذاكر الألحان اللي ناسيها وبعرف رد فعل الناس عليها».
«ريكو»: ردود أفعال الناس بتختلف معايا
حقيبة «ريكو» لا تحمل فقط آلته المفضل، بل تحوي أيضا أوراق ملونة وألوان يوزعها على الجالسين في الشارع ليستمعوا إلى عزفه، حتى يدونوا ملاحظاتهم على الأداء، وهي وسيلة الشاب في معرفة رد فعل الجمهور على موسيقته.
تختلف ردود الأفعال مع الشاب العازف بمختلف الفئات والثقافات المتواجدة في الشارع، الكثير يشجعونه ويقفوا ليستمعوا له، وآخرون تجذبهم الموسيقى من بعيد حتى ينتهي أمرهم جالسين على الرصيف منصتين لأنغام الساكسفون، وقلة يقابلون ذلك بالسخرية والتهكم عليه.
يسترجع عازف الساكسفون إحدى المواقف التي جعلته سعيدًا حينما كان يستمع له بعض الشباب الذين لا يظهر عليهم حبهم للموسيقى، ولم يكتفوا عند ذلك بل وقفوا ينظموا المكان للراغبين في السمع ويمنعون القلة من مضايقته، «فرحت إني غيرت سلوكهم بالموسيقى».
تعليقات الفيسبوك