عاش مراحل طفولة منعمة في رحاب والدته، راعته في دراسته وصاحبته في أحلامه، التي بدأ طريق تحقيقها من المدرسة، يستيقظ في السابعة صباحا، قاصدا أبوابها، ومع نهاية اليوم الدراسي، يعود بشوق شديد إلى حضن أمه الدافئ، تستقبله بترحاب شديد وابتسامة حنونة تهون عليه ضغوط يومه، تحضر له وجبة الغذاء، وبعد فترة راحة، تشحذ همته من أجل المذاكرة، بتحضير كوبا من الشاي الساخن.
كانت والدة الأمير علي، محور يومه، وجيشه في الحياة، وقصاصة الأثر في خارطة مستقبله، لكنه منذ عدة أعوام وبدون سابق إنذار، استيقظ على صدمة عمره، وانقلبت بعدها حياته رأسا على عقب.. توفت أم الشاب، وتركته يواجه الدنيا دون أن تحمي ظهره كما اعتاد، لم يتحمل الابن فراق محبوبته الأولى والوحيدة، ساءت حالته النفسية، وتهدمت كل الأحلام، لدرجة أنه ترك دراسته، وانعزل عن البشر، وحيدا يجلس، وقليل ما يتحدث إلى أحد.
بعد 14 عامًا من وفاة والدته، لم يطق «الأمير»، 35 عاما، الحياة بدون ونيسته، في محل إقامته بمدينة نجع حمادي في محافظة قنا، حيث يعيش مع إخوته الاثنين وأبيه المسن، إذ انشغل كل منهم بحياته وعمله، وتركوه يعاني وحدته، حتى قرر الفرار من البيت في شهر 9 الماضي، لكنهم عادوا ليبحثوا عنه راصدين مكافأة 20 ألف جنيهًا لمن يعثر عليه.
يحكي عبد العزيز علي، 29 عامًا، شقيق «الأمير»، إن أخيه كان الأبرز من بينهم دراسيًا، ومعروف بالتفوق الدراسي بين زملائه، لكن بعد وفاة والدته عانى الجميع من فقدها، إلا أن معاناته كانت مختلفة، إذ ساءت حالته النفسية بصورة صعبة، عجز الأطباء عن فك شفراتها، مشيرًا إلى أنه كان يحتاج إلى أحدًا بجانبه، يخرجه من الوحدة.
يقول عبد العزيز: « بعد وفاة والدته حالته اتدهورت، ومحدش أخد باله منه، وكان عايش معايا أنا وإخواتي، وأبويا كبير في السن، وطول حياته كان كويس ومتعلم، أمه اتوفت من 2006، وحاولنا أنه يكمل تعليمه، ومكنش حد جنبه، فساب الدراسة، وقرر يسيب الدينا كلها ويقعد لوحده دايمًا».
ملصقات ومكافأة لمن يجده
كان إخوته قد تعودواعلى غيابه إلى فترات بسيطة، لا تتخطى اليوم الواحد، لكن فجأة مر يوم وجر ورائه الثاني، حتى مرت 4 أشهر، ولم يرجع إلى الآن، ليقروا رصد مكافأة قيمتها 20 ألف جنيه، لمن يعثر عليه، وطبعوا ملصقات عليها صورته وعنوانه واسمه بالكامل، ولصقوها في الشوارع وفي الأماكن العامة، ووزعوها على المارة.
يختتم شقيق الأمير: «العلاج مجابش نتيجة، وكان بيلف في البلد كتير، بس مكانش بيطلع من نجع حمادي، وفجأة اختفى، عشان كده رصدنا مكافأة 20 ألف جنيه للي يلاقيه، وفلوس الدنيا كلها متكفيش وجود أخونا معانا».
تعليقات الفيسبوك