تتحرك عقارب الساعة وتدور معها الأيام، وتتغير الأماكن وتنقلب الأحوال، تلك أمور اعتاد عليها كل من يبذل جهد كي يحصل على قوت يومه، لا أحد يضمن غدر الأيام ونكران الجميل.
من محل فخار لرصيف المقابر
على أحد الأرصفة بمقابر البساتين وبالقرب من منطقة التونسي، يجلس العجوز السبعيني ضاحي موهوب، بين الأموات، كي يقوم بتشطيب الفخار ومنحه الشكل النهائي.
مهنة متوارثة
مهنة يعمل بها «موهوب» منذ أن كان في السابعة من عمره، بعدما كان يقف إلى جوار والده في محل خاص بهم في منطقة عين الصيرة، إلى أن توفي الأب وترك المهنة للابن، الذي حافظ على عهد والده وأكمل مسيرة كفاح الأب: «وصاني قبل ما يموت إني أفضل شغال، لحد ما أموت، وأنا محافظ على العهد ومش هسيب الشغل لحد ما أقابل رب كريم».
أوانٍ مصنوعة من الفخار و«شيكارة» يجلس عليها العجوز كي ينتهي من تشطيب الفخار، حتى يعرضه على زوار المقابر، وعلى الرغم من تواضع الإمكانيات لديه إلا أنه يبدع في صناعة الفخار وتشطيب الأجزاء التالفة منه.
معاناة وإعاقة
معاناة العجوز الذي يعاني إعاقة سمعية، بدأت عندما طلب منه الخروج منه مسكنه والمحل الذي كان يمتلكه في منطقة عين الصيرة من أجل تطوير المنطقة: «أخدت شقة وأنا وعيالي من المحافظة، لكن مكنش حيلتي غير المحل وشغلانتي دي، علشان كده جيت أسترزق في المقابر».
ثمانية أبناء لدى «موهوب» تمكن من تزويج 6 منهم، ولم يتبقَ سوى ثلاث بنات ما زالوا في المراحل التعليمية المختلفة: «بنزل من الساعة 5 الفجر، أجي على هنا، وأقعد على الرصيف بالشكل ده، وأفضل ألمع في الشغل وأشطب فيه، وربنا بيرزق في آخر اليوم أوقات بـ15 جنيه وأوقات بـ20».
تقدم الرجل في العمر، جعله لا يقوى على تحمل برودة الطقس في الشتاء وحرارته في الصيف، الآن ومع الطقس البارد ما زال يعمل العجوز وهو يرتدي ملابس خفيفة لا تحميه من البرودة: «الدنيا لما بتمطر بتغرقني، بس هعمل إيه وأروح فين، أديني بقول أهي شغلانة بأكل منها عيش أنا والعيال وخلاص».
يمني «موهوب» النفس بمحل صغير يكفل له مصدر دخل ثابت.
تعليقات الفيسبوك