على ضوء خافت أمام مكتبه الخشبي، يجلس الشاب «أشرف» في غرفته في صمت شديد لمدة طويلة، يضع بين أصابعه ريشة بسن قلم، يحدق في إحدى الأوراق الكبيرة ويمرر يده في هدوء عليها، وأمامه ألوان مختلفة، يبدل فيما بينها بسرعة وخفة، للوهلة الأولى تظنه يذاكر أحد دروسه، لكن بالاقتراب منه تجده يرسم أحد أعضاء الجسد، ويتفنن في تفاصيله وكأنك تراه أمامك حقيقة وليس رسمًا على ورق.
أشرف رفاعي، شاب في عمر 21 عاما، وطالب بالفرقة الرابعة في كلية الطب البيطري جامعة كفر الشيخ، دفعته صعوبة مادة التشريح التي تحتاج وجود جثث لفهمها إلى اللجوء للرسم، فبالنسبة لطلبة طب بيطري كانت الرسومات محدودة حتى على محرك البحث جوجل، ما طرح بباله فكرة أن يرسم تلك الأعضاء خاصة أنه كان يهوى الرسم وتمنى دخول كلية الفنون الجميلة.
مع مرور الوقت، بدأ «أشرف» يشارك تلك الرسومات بشكل بسيط عبر السوشيال ميديا، ولاقت ترحيبًا من الناس، فحاول تطويرها، بمتابعة كتب الدكتور المتخصص في ذلك المجال فرانك نايتر، الذي ترك الطب وتفرغ لرسم نحو 3 آلاف رسمة في الطب عامة، وبدأ يتدرب على رسمات الكتاب، ولكن بطريقة ثلاثية الأبعاد 3D.
في البداية قلق بعض الطلاب من زملاء الشاب العشريني، من الرسومات وأكدوا أن تشريح المشرحة فقط هو ما يمكن يعتمد عليه، ولكن سرعان ما بدأوا في المذاكرة من رسوماته ووثقوا بها، بمختلف تصنيفاتهم من جميع أقسام الطب بشري وبيطري وأسنان، حيث يسمح الشاب للجميع أن يأخذ صوره دون مقابل من أجل الدراسة ونشر العلم، «دي رسالة ومحبش حد يحصل على العلم بمقابل مادي».
رسومات أشرف تصل «ديليفري» للطلاب بشكل واضح وألوان تكاد تطابق الحقيقة التي يبحثون عنها، وأصبح بمثابة دكتور يشرح بالرسم، ما دفع بعض أساتذة الكليات للاستعانة به في توضيحات لبعض أجزاء الشرح فيرسمها الطالب ليضعها الدكتور في بحثه.
يتدرب ابن مدينة طنطا في مستشفى DR paws، مع دكتور عصام المنشاوي ودكتور أحمد ويدخل غرف العمليات لرسم أعضاء الجسم على الطبيعة، لإخراج صور أكثر واقعية.
ويحلم «أشرف» بعمل فريق كبير من محبي الرسم، كي يرسم وفقًا لوزارة التعليم العالي، ويقوم بعمل فني طبي من مصر، تتسعين به كل الكليات العلمية في البلد، بدلًا من أن تستعين الكليات برسومات أجنبية قديمة.
تعليقات الفيسبوك