داخل إحدى سيارات الأجرة، جلس الركاب في صمت، الطريق من الدقي إلى رمسيس ليس بعيدا، لا يستلزم أن تُنشىء علاقه مع من يركب بجوارك، خاصة إذا قادك الحظ مع سائق ميكروباص يبحث دائمًا عن الهدوء والاختلاف، يطلب الأجرة في هدوء، ويسير بوتيرة منتظمة ليست بالمتهورة التي بسببها يضع الركاب أيديهم على قلوبهم، أو البطيئة التي تؤخرهم عن مصالحهم، له ذوق خاص، فلا يعترف بالمهرجانات، ولا يسمع إلا الأغاني الأجنبية فقط، ليدرك الركاب أنهم أمام سائق يبحث عن مزاجه الشخصي.
الشاب سامح كردي، سائق ميكروباص يبلغ من العمر 30 عاما، يهوى سماع الموسيقى الأجنبية بشكل مستمر، لا مجال في حياته لـ«المهرجانات»، التي تعد الغذاء التقليدي لسائقي الميكروباصات، إلا الثلاثيني، الذي يرفض أن يسير في الاتجاه ذاته، بل يتطلع إلى الفنانين الأجانب، أمثال: «سيلين ديون، وإنريكي إجليسياس، وأديل»، يسمع كل جديد منهم، ويحفظ موسيقاهم عن ظهر قلب.
بعد دقائق من تحرك سائق الميكروباص من بداية خط سيره اليومي بكوبري الدقي، يبدأ الركاب في التهافت فيما بينهم حول الأغاني الأجنبية التي يشغلها السائق، قبل أن يطلب منهم الأجرة في هدوء، ليداعبه أحد الركاب: «مش هتقولها لنا بالإنجليزي بالمرة».
سائق ميكروباص يسمع «هاوس وتكنو»
يسمع «سامح» أغاني «هاوس وتكنو»، ولا يهتم بأغنيات المهرجانات، على حد قوله: «أغاني المهرجانات مش بتشدني خالص، مع إن في منها كلامه كويس، بس موسيقتها مش بترضي ذوقي، فبدلع نفسي بالأجنبي، وبدلع الزباين اللي بتحبها».
يروي الشاب الحاصل على البكالوريوس في إدارة الأعمال، الآراء والتعليقات التي يتلقاها من الركاب بسبب ما يسمعه: «أحيانا بلاقي ناس بتقولي يا عم غيّر اللي أنت مشغله ده، هو إحنا فاهمين عربي لما هنفهم أجنبي، وناس تانية بتتبسط منها، وبتقول لي علّي الكاسيت».
رغم تخرج الشاب بشهادة جامعية، إلا أنه لا يجد لنفسه سبيل آخر، إلا على «طارة» الميكروباص: «شغلانة بيتكسب وزبونها مبيغيبش، أنا راضي والحمد لله بس مش لاقي غيرها، ونفسي ألاقي شغلانة في مجالي في شركة كويسة، تبعدني عن مرمطة الميكروباص، لأن ده مش كاري».
تعليقات الفيسبوك