المرض اختبار صعب، لا يقوى على مواجهته أصحاب القلوب الضعيفة، فلابد من قوة فولاذية لكبح جماحه وهزيمته والسيطرة عليه، وما أصعب العلة عندما تكون ورم خبيث تغلغل في الخلايا، فتكمن منها وسيطر عليها ومنعها من العمل بكفاءة، كما كانت قبل الإصابة به، مرض السرطان سرق حياة شباب وأطفال وكبار، كان لهم بمثابة موت يدق الباب دون استأذن، ومع كل جلسة كيماوي يشعر المريض أنها ربما تكون هي الأخيرة بالنسبة له، ولكن هناك نماذج استطاعت أن ترسم لنفسها طريقا من النور، وتمكنت من السيطرة على هذا المرض اللعين.
من بين هؤلاء الطفل صاحب الاثني عشر عاما، محمود سامح، ابن منطقة حليمة الزيتون بمحافظة القاهرة، ذلك الطفل ذو الإرادة الحديدية، الذي تمكن بقوة وصلابة من مواجهة المرض بصبر شديد، بعد أن أصابه السرطان قبل 5 سنوات، قبل أن يكمل عامه السابع بعد أن خارت قواه وشعر بألم مبرح في ساقه.
الألم اشتد إلى أن تحول إلى كابوس مؤلم يوقظه من نومه كل مساء، ذهب الأب بالابن إلى طبيب عظام في البداية، وبدوره قال له إن الطفل ربما تكون قدمه مكسورة، أو مصاب بشرخ غير ظاهر، ولكن تلك الكلمات لم تقتنع بها الأسرة، وبخاصة أن الطفل لم يسقط أرضا قبل ذلك ولم تتعرض قدمه للأذى، الأمر الذي دفعهم إلى تغيير الطبيب، والذهاب إلى طبيب آخر شخص لهم الحالة أنها سرطان.
حينها لم يكن يعلم الطفل «محمود» ماذا تعني كلمة سرطان، هو فقط كان يعلم أن حياته ستتغير إلي الأسوأ، وبخاصة بعدما كان يذهب إلى المدرسة في بداية المرض على كرسي متحرك، وحينها كان يرى نظرات صعبة من زملائه، البعض منهم يشفق عليه والبعض الآخر لا يدرك ما به، فيتنمر عليه، كيف له أن يأتي بصحبه أمه إلى المدرسة.
عن تلك الفترة القاسية يقول «محمود» إنه لم يكن يعرف ماذا تعني كلمه سرطان، ولكنه وجد نفسه فجأة يتردد على مستشفى سرطان الأطفال، ولم يكن يدرك ما هي علته إلى أن جاء عام 2019، وجاءت معه أنباء سيئة تفيد بضرورة بتر قدم الطفل من أجل التخلص من السرطان: «وقتها بس فهمت أنا عندي إيه، كان إحساس وحش أوي لما كنت أشوف كل العيال بتجري وتلعب وأنا مش قادر اتحرك، طول الوقت نايم أو باخد كيماوي".
تغلب «محمود» على المرض، وقرر أن يتحدى ظروفه الصحية وبعد أن كان يمارس رياضة السباحة قبل مرضه، قرر أن يمارس لعبة الفروسية، بعد بتر قدمه والتي يقول عنها إنها عشقه الخاص: «بحب أحمد السقا أوي وبحب كل أفلامه، وكان نفسي أقابله، وعلشانه قررت أبقي فارس، وبقالي 3 شهور بتمرن علشان أبقى بطل فروسية، وعندي بطولة قريب، ونفسي كل الأطفال المريضة تخف من السرطان».
شارك «محمود» في مهرجان القاهرة السينمائي، بعدما قام أحد المنتجين بدعوته بعدما علم أنه يحلم أن يمشي على السجادة الحمراء، فقرر أن يحقق له تلك الأمنية، وبالفعل شارك الفتى في المهرجان ومشي على السجادة الحمراء، ونال إعجاب العديد من الفنانين الذين كانوا داعمين له: «رحت المهرجان وكنت مبسوط أوي لأني نفسي أبقي ممثل، وقابلت ممثلين كتير أوي هناك، وكمان شاركت في إعلان لشركة محمول، والحمدلله دلوقتي السرطان راح بعد البتر، وعايش حياتي بشكل طبيعي ولو حد قالي يا أبو رجل حديد بضحك ولا بيفرق معايا كلامه".
تعليقات الفيسبوك