صوته الذي يعلو بشرح قواعد اللغة الإنجليزية بات مألوفًا للطلاب المترددين على المراكز التعليمية في قرية كفر المقدام، إحدى القرى التابعة لمركز ميت غمر بمحافظة الدقهلية، إذ يقف أمام السبورة بثقة تامة، ينطق الحروف ومخارجها بطلاقة، نتيجة اجتيازه العديد من التدريبات وحصوله على شهادات علمية معتمدة، لكن جائحة فيروس كورونا كان لها كلمة أخرى، ليتخلى المعلم عن المهنة التي عشقها ويحترف صنعة الجبس لمساعدته على توفير مصروفات الحياة.
يعمل مدرس إنجليزي في المراكز التعليمية ويحترف مهنة الجبس
منذ تخرجه في كلية الآداب بقسم اللغة الإنجليزية عام 2009، تفرغ أحمد سعد، للعمل في تدريس اللغة الإنجليزية للمرحلة الابتدائية، رغم عدم تعيينه في أي مدرسة، حيث ظل يتنقل بين المراكز التعليمية في قريته للشرح، وكلما رفع يده بالكتابة على السبورة بدت جروح صغيرة، تركت آثارها في راحة يديه، ليعتاد منظرها ويتصالح معها منذ أن كان يعمل في مهنة المعمار طوال فترة دراسته بالثانوية العامة، وهي الجروح التي تحولت بمرور القت إلى ندبات، ظهرت مع تخليه عن مهنته التي لم تعد قائمة بسبب إجراءات التباعد الاجتماعي الذي فرضته جائحة كورونا.
«بدأت شغل في الحيطان الجبس من أيام ثانوي واحترفت المهنة واشتغلت فيها سنتين»، يقول الشاب الثلاثيني في بداية حديثه لـ«الوطن»، مشيرا إلى أنه في الفترة بعد 2014 ترك مهنته من أجل التفرغ للتدريس، حيث يقصده الطلاب دون غيره من المعلمين، «من 2014 وأنا سيبت شغلة الجبس وبسبب أزمة كورونا رجعتلها تاني».
بسبب إغلاق المراكز التعليمية اضطر أحمد للعودة إلى العمل في صنعة الجبس
لم يجد أحمد سبيلا آخرا للعيش، بعد أن أغلقت المراكز التعليمية أبوابها، فخلع ملابس «المدرس» واستبدلها بملابس الصنعة منذ مارس ماضي، «شغال في الجبس من وقت أزمة كورونا عشان أعيش لحد ما ربنا يفرجها».
ورغم الفارق الكبير بين المهنتين، لم يخجل من الظهور بملابسه الملطخة بألوان الدهانات إذا ما التقى بأحد تلاميذه، «الشغل مش عيب».
تعليقات الفيسبوك