تداول رواد التواصل الاجتماعي صورا عديدة لسيدة عجوز تمسح سلالم أحد العقارات، الأمر الذي انتشر سريعا على السوشيال ميديا نظرا لما تقوم به تلك السيدة من عمل إنساني من أجل أحفادها، وابنتها القعيدة، وعلى الرغم من بلوغها سن التسعين عاما إلا أنها ما زالت تعمل حتى الآن في خدمة البيوت، حيث لا سبيل لها غير تنظيف الشقق وسلالم العقارات كي تحصل على قوت يومها.
«الوطن» انتقلت إلى منطقة بولاق الدكرور حيث تقيم السيدة بمفردها داخل أحد العقارات بترعة زنين، شارع طويل وممتد يضيق ثم يتسع، انحدارات عديدة داخل الشارع تقود إلى بيت قديم ومتهالك، مكون من طابق واحد، عبارة عن غرفة صغيرة وحمام، الجميع يعرف من هي بمجرد السؤال عنها، ولما لا يعرفها الجميع وهي التي تعيش بينهم منذ نعومة أظافرها، فريدة محمد شحاته الشهيرة بـ«أم إبراهيم» تلك السيدة التي أفنت عمرها في تربية أولاد أخيها بعدما توفي الأخير في حادثة ميكروباص، لتتولى العجوز شؤون الأبناء والتي تقول عنهم إنهم أحفادها: «عايشة لوحدي هنا وبنزل أمسح سلالم وأنضف علشان أعرف أعيش، وربيتهم وكبرتهم من الخدمة في البيوت، ورغم تعبي ومرضي إلا أني لسه بسعى على أكل العيش».
غرفة نوم التسعينية مليئة بالآيات القرآنية، إلى جانب سجادة لأداء فريضة الصلاة، فهي تحرص على الصلوات الخمس في موعدها، مدخل المنزل الذي تعيش فيه مليء بعبوات المشروبات الغازية الفارغة إلى جانب عدد كبير من الأواني القديمة، حيث تعيش العجوز وسط تلك المخلفات الصلبة منذ عشرات السنين: «أنا راضية بحالي ومكنتش أعرف إن هيجي يوم والناس كلها تتكلم عني بالشكل ده، من يومين جات بنت قعدت معايا وصورتني وأنا بمسح سلم عمارة، قالتلي هنزلك على النت، وأنا معرفش غير التلفزيون ومش عارفه النت ده ايه، ومن بعدها ناس كتير جات تساعدني، وانا مش محتاجه أي حاجة، أنا راضية بنصيبي، وقدرت أكبر وأجوز ولاد أخويا اللي فضلوا سنين في رقبتي».
فقدت العجوز نجلها الأوحد إبراهيم بعد موته في سن صغيرة، ولم يعد لها سوي ابنتين، واحدة منهما تعاني من الشلل والأخرى تجلس إلى جوارها لخدمتها، وعلى الرغم من معاناة «أم إبراهيم» من مشاكل صحية عديدة في العظام إلا أنها تعمل حين تحتاج إلي أموالا لأنها لا تريد إن تصبح عالة علي أحد: «بشوف بعين واحدة بس، لأن التانية مبقتش أشوف فيها بسبب التراب وأنا بكنس»، كما تعاني أيضا من ضعف السمع الشديد.
تستيقظ العجوز مبكرا كي تتجول بين الأحياء كي تصل إلي العمارات لتنظفها وتحصل بعد ذلك علي جنيهات قليلة ولكنها كثيرة بالنسبة لها، كي تضمن الحياة.
تعليقات الفيسبوك