وقت طويل يقضيه أغلب الناس على مواقع التواصل الاجتماعي، وفي حين تنتشر من وقت لآخر كثير من المنشورات التي تعبر عن حالة نفسية سيئة، سواء بسبب أو بدون، كشفت دراسة حديثة، أن الذين يقضون 5 ساعات يوميا على وسائل التواصل الاجتماعي، أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب بنحو 3 مرات من أولئك الذين يقضون أقل من ساعتين يوميا.
وشارك أكثر من 1000 شاب أمريكي في الدراسة، التي تتبع عدد الأشخاص الذين ظهرت عليهم أعراض الاكتئاب على مدار 6 أشهر، إذ يعتقد الخبراء أن الهواجس مع منصات مثل "إنستجرام" و"تويتر" و"سناب شات" و"فيسبوك" توقف تكوين صداقات بين الشباب، بحسب "روسيا اليوم".
وقد يؤدي إدمان وسائل التواصل الاجتماعي، أيضا إلى عدم تحفيز الشباب على تحقيق أهداف في حياتهم المهنية، ما يؤدي إلى تأجيج المشاعر السلبية، كما وجدت الدراسة أن المراهقين يُعتقد أيضا أنهم يقارنون أنفسهم بأسلوب حياة مثالي "معدّل بالصور" ويستحيل الحصول عليه ويشعرون بأنهم لا قيمة لهم بالمقارنة بذلك.
وتعد هذه الدراسة الكبيرة، التي نُشرت اليوم في المجلة الأمريكية American Journal of Preventive Medicine ، الأولى من نوعها التي تربط بين وسائل التواصل الاجتماعي والاكتئاب، إذ قال المؤلف الرئيسي الدكتور بريان بريماك، أستاذ الصحة العامة في جامعة أركنساس: "معظم الأعمال السابقة في هذا المجال تركت لنا أسئلة محيرة، نعلم من الدراسات الكبيرة الأخرى أن الاكتئاب واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي يميلون إلى التلاقي معا، لكن كان من الصعب معرفة أيهما يأتي أولا".
مع ذلك، لم يؤد الاكتئاب الأولي إلى أي تغيير في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، حيث سأل فريق البحث المشاركين في الدراسة عن عدد المرات التي استخدموا فيها وسائل التواصل الاجتماعي، وقارنوها بنتائجهم في اختبار شامل يقيس الاكتئاب.
ومن بين 1289 فردا في العينة النهائية، كان 299 مصابا بالفعل بالاكتئاب عند خط الأساس، وتم تتبعهم لمعرفة ما إذا كان هذا قد أثر على استخدامهم لوسائل التواصل الاجتماعي، وخلال فترة المتابعة التي استمرت 6 أشهر، أصيب 95 مشاركا آخر بأعراض الاكتئاب.
وكان الشباب الذين استخدموا وسائل التواصل الاجتماعي أكثر من 5 ساعات يوميا، أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب بمعدل 2.8 مرة في غضون 6 أشهر من أولئك الذين استخدموها أقل من ساعتين يوميا.
ورغم ثقة الباحثين في الرابط المكتشف، إلا أن الدراسة لا يمكنها إثبات السبب والتأثير، بأن وسائل التواصل الاجتماعي، وليس أي عامل آخر، هي التي تسبب الاكتئاب.
وقال الدكتور سيزار إسكوبار فييرا، الأستاذ المساعد في الطب النفسي بجامعة بيتسبرج: "قد يكون أحد أسباب هذه النتائج أن وسائل التواصل الاجتماعي تستغرق الكثير من الوقت، قد يحل الوقت الزائد على وسائل التواصل الاجتماعي محل تكوين علاقات شخصية أكثر أهمية، أو تحقيق أهداف شخصية أو مهنية، أو حتى مجرد قضاء لحظات من التفكير القيّم".
ويقترح المؤلفون أن المقارنة قد تكمن وراء هذه النتائج أيضا، حيث غالبا ما تمتلئ قنوات التواصل الاجتماعي بحياة المشاهير الساحرة، إذ أضاف المؤلف المشارك الدكتور جايمي سيداني، الأستاذ المساعد للطب في جامعة بيتسبرج: "غالبا ما يتم تنسيق وسائل التواصل الاجتماعي للتأكيد على الصور الإيجابية، وقد يكون هذا صعبا بشكل خاص بالنسبة للشباب الذين يمرون بمنعطفات حرجة في الحياة تتعلق بتنمية الهوية، ويشعرون أنهم لا يستطيعون الارتقاء إلى مستوى المثل العليا المستحيلة التي يتعرضون لها".
تعليقات الفيسبوك