قرية كاملة يعاني معظم أهلها من حساسية الصدر، بسبب أحد مصانع لصناعة الأعلاف من المخلفات الحيوانية المقامة وسط التجمعات السكانية، تنتج عنه رائحة نفاذة تهاجم الجهاز التنفسي والصدر، إذ اشتكى الكثير من أهالي قرية "عبد القادر" بمدينة العامرية في محافظة الإسكندرية، من التعرض لرائحة كريهة للغاية، تجعلهم يضعون أيديهم على أفمامهم وأنوفهم، لتجنب أذاها.
الحساسية أكتر من كورونا
يقول كرم حسن، 33 عاما، أحد أهالي القرية، إنه يعاني من حساسية مزمنة على الصدر، بعد التعرض الشديد يوميا إلى الهواء الناجم عن المصنع، مشيرا إلى أنها حالة عامة بمثابة الوباء بين أهالي القرية، مؤكدا أنه يعتمد منذ فترة كبيرة على "بخاخة"، تساعده على التنفس، وقت التعرض للرائحة.
يضيف: "المصنع ده بيجيب مخلفات الفراخ الميتة وبيعمل منها علف، وطول ما المصنع شغال وبيطحن، الريحة بتنتشر في البلد، لما روحت للدكاترة استغربوا إن أنا مابدخنش".
يستغرب كرم، من أن القرية بالكامل تعاني من نفس الأعراض، في الوقت الذي لم تتأثر فيه بنفس الشدة من وباء كورونا القاتل، لافتا إلى أن عيادات الحساسية في القرية قد امتلأت بالمرضى، بسبب المعاناة من دخان المصنع والروائح الناتجة عنه، التي تسبب اختناقات.
يكمل: "مش كفاية علينا كورونا، المرض ملا البلد بسببه، وإحنا مش عارفين نعيش ولا حتى ناكل، لأن الريحة بتفضل شاممها على طول لفترة كبيرة حتى لو المصنع وقف".
رائحة الجثث أرحم
لم تختلف معاناة محمد يحيي، 27 عاما، كثيرا عن كرم، إذ تسبب الرائحة الكريهة له، ضيقا شديدا في التنفس، تجعله يضع يده على فمه حتى انتهائها، معلقا أن "رائحة جثث الموتى أفضل منها"، لافتا إلى أن عمال المصنع يتم إغرائهم بالأموال ليتحملوا الرائحة، إذ يتخطى سعر الشهر حوالي 7000 جنيه للعامل الواحد.
يوضح: "الريحة بتكتم الصدر والأطفال عندنا مبيتحملوش، ولو شوفت عامل من اللي شغالين على بعد 100 متر، ريحته بتوصل عندي، والعمال دول بيتحملوا، لأنهم بياخدوا فلوس كويسة، اليومية بتعدي 250 جنيه".
طلب إحاطة ومراقبة 45 يوما
في مارس الماضي، تقدم رزق ضيف الله، نائب دائرة العامرية، بطلب إحاطة في مجلس النواب، بشأن انبعاث الروائح الكريهة من المصنع بسبب حرق عظام الحيوانات، وأوصى ممثلي الحكومة، بسرعة حل المشكلة.
ومنحت لجنة البيئة والطاقة بمجلس النواب، وزارة البيئة والمحافظة، 45 يوما، لمتابعة المصنع والتأكد من التزامه بالمعايير الصحية، وفي حالة عدم مطابقة المعايير يتم إغلاقه فورا، بالإضافة إلى تأهيل المنطقة المحيطة من الناحية البيئية.
مخاطر التعرض الدائم للكيماويات
يحذر الدكتور أمجد الحداد، استشاري الحساسية والمناعة، من التعرض المستمر إلى الكيماويات الناجمة عن أدخنة المصانع، مشيرا إلى أنها تسبب حساسية شديدة ينتج عنها تليف رئوي.
ويشير الحداد، إلى أن تعرض الشخص المريض بالحساسية لها، سوف تزيد نسبة الأزمات الربوية لديه، مؤكدا أن علاج الحساسية لا يمكنه فعل أي شيء في ظل التعرض لتلك المواد الكيماوية القاتلة.
تعليقات الفيسبوك