سنوات طويلة تعيش داخل بيت بسيط لا تتوافر فيه أدنى مقومات الحياة، لا مياه تصلح للشرب أو حتى تساعد على تنظيف المنزل والملابس والأواني، وحتى تقضى احتياجاتها اليومية، كانت تضطر إلى السير مسافة طويلة لملء جراكن المياه.
معاناة حقيقية عانتها "الحاجة توتو" طوال حياتها، في قرية صالح بمحافظة الغربية، ورغم قسوتها وتأقلمها مع تلك الظروف الصعبة، كانت تمني النفس في انفراجة، وفجأة طرق بابها مجموعة من الأشخاص يبشرونها بتركيب عداد مياه ومواسير، فما كان منها سوى أن زغردت وهللت فرحا، بنهاية أكبر أزماتها في الحياة.
لم تستوعب "توتو" في البداية، فكرة تركيب عداد مياه في بيتها البسيط، بعد أن أصبح جافا بدون قطرة مياه: "كنت بروح أملا جراكن المية كل يوم، وأنا ست كبيرة مش قادرة أشيل، الله يبارك لهم ركبوا العداد والمية جريت في المواسير، وفرحانة كأني اتولدت من جديد".
حاتم زكريا، مسئول الأزمات في جمعية "شباب سملا الخيرية"، التي تمول مشاريع تركيب عدادات مياه في "بيوت الغلابة" من أهالي القرية، والمحرمون من نقطة مياه، يحكي أن هناك الكثير من قرى الغربية بدون مياه إلى الآن.
ويؤكد زكريا، أنهم إلى الآن نجحوا في تركيب 160 عدادا، في 6 قرى بالمحافظة: "كل اللي بنعمله إننا بنتكلف بسعر العداد اللي هو 3 آلاف جنيه، وبنخلص كل الأوراق في شركة المياه بمدينة طنطا، وكل اللي على الناس دي، أنهم يقفوا معانا بس واحنا بنركب العداد".
طوال الـ36 عاما التي عاشها حاتم، يرى هؤلاء الناس وهم لا يمكلون سوى ما يحصلون عليه في يومهم الواحد، مضيفا أنهم يعملون في الحقول بـ50 جنيها في اليوم، وهو مبلغ لا يكفي إلا طعامهم فقط، فضلا عن المعاناة الأخرى في الاستحمام وغسل الملابس.
يوضح: "الناس دي معندهاش حاجة خالص، والحياة من غير ميه بتبقي أصعب مما نتخيل، قبل كده كانوا بيمشوا كتير عشان يملوا مية من الترعة، وبيروحوا يغسلوا هدومهم هناك".
تعليقات الفيسبوك