بخط منمق وحروفه بارزة ومثالية، يبدو كأنه محفور ومرسوم، متميز لدرجة تجعل من يراه يحدق في جماله ولا يتوقع أنه مكتوب باليد، ولا يقتصر الأمر فقط على طريقة كتابته ولكن لديه قدرة مراعاة اصطلاحات الضبط والتشكيل وخاصة عندما يكون متعلقا بالقرآن الكريم، فلا يجوز فيه الخطأ، كانت تلك أبرز الأسباب التي جعلت دكتور جراحة العيون "أحمد رجب" الملقب بـ "معاذ عطيتو" يتميز عن الآخرين.
"من وأنا صغير بحب الخط العربي، من ساعة ما أخدته في المدرسة، كنت من الناس اللي اتعلمت في الكُتاب خط المصحف كان عاجبني جدا، كنت بكتب وبحفظ من المصحف، وكنت بحاول أقلده من أول ما تعلمت الكتابة".. بهذه الكلمات حكى "معاذ عطيتو" لـ"الوطن"، عشقه للخط العربي منذ صغره وملاحظة المدرسين خطه المميز، ليقرر الشاب الثلاثيني العمل على تنميته ودراسة أنواعه على مدار السنوات.
وحاليا، قرر معاذ كتابة سور من القرآن الكريم في صفحة واحدة فقط، ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث إنه يهدف إلى نشر سور المصحف بشكل موسع وتسهيل على الآخرين القراءة في أي مكان: "محتاج دافع معنوي لأن مواهب الخط والكتابة ملهاش تشجيع، وجه في دماغي إني أكتب القرآن بس مش بشكل تقليدي احاول أعمل تصميمات مختلفة عن المعتاد، وقررت إني اكتب السورة على صفحة واحدة بدل ماهي مقسمة على كذا صفحة في المصحف".
وقبل البدأ في كتابة السور القرآنية على الورق، يتخيل معاذ التصميم في ذهنه ويجب أن يكون لديه ثقة في النفس حتى يستطيع تنفيذها: "وأشوف هعمل السطور إزاي الحسابات والمقاسات وعايزة دقة واستمرارية، وفي الآخر مع الإرادة أقدر أنفذ، وأنا عندي حب الاختلاف وإني مبقاش تقليدي وفكرة إني عندي شغف في حاجة بيخليني عندي فضول أعملها بكل الطرق، حتى لاشباع الشغف اللي عندي سواء في الكتابة أو الرسم".
"كنت في ثانوية أزهرية وبشتغل وبصرف على نفسي لأن مفيش عائل، فكنت بشتغل في الرسم والكتابة على الجداريات ويفط المحلات والدعاية، وبعدين ربنا كرمني ودخلت كلية طب جامعة الأزهر".. مراحل حياة معاذ الذي يعيش في الأقصر موطنه الأصلي وعن سبب لقبه بـ "معاذ عطيتو" شرح الشاب الثلاثيني قائلا: "عادات عندنا في الصعيد يسمو الطفل بـ اسمين".
واعتاد دكتور جراحة العيون بمستشفى الأقصر الدولي أثناء دراسته في الجامعة بالمشاركة في الكلية بالمعارض ومسابقات وزارة الشباب والرياضة: "الحمدلله كنت باخد مراكز كويسة، وبدأت أنمي الكتابة عندي بإني بشوف اليوتيوب وكده، وكنت بمارس مهنة الرسم وشغل الديكور بجانب مهنة الطب"، كما لدى معاذ موهبة الرسم والكتابة باستخدام قدميه وفمه بشكل عام.
عمله في الطب، جعله لا يستطيع الكتابة بشكل دائم، ما جعله يكتب سور القرآن في صفحة واحدة مثل "سورة يس وسورة الملك" مؤكدًا: "لازم الشخص يكون متقن ودقيق لقواعد وأحكام التجويد والتلاوة (رواية حفص عن عاصم)".
وبالنسبة للوقت الذي يستغرقه في كتابة سور القرآن بهذه الاحترافية، أوضح معاذ: "الوقت اللي باخده في الكتابة بيكون على حسب الخامة اللي بستخدمها، والأدوات كمان، وعلى حسب حجم الورقة وحجم السورة ونوع القلم".
واستكمل حديثه بطرح أمثلة: "سورة يس كاتبها بقلم جاف وخدت تقريبا 3 أيام، سورة يوسف كتبتها بقلم خط عربي معدني 1 مللي، ولو في أي غلطة بمسحها خالص وبكمل بأقلام معينة وبستخدم ورق كانسون، والفكرة في الممارسة الكتير أنها بتخلي عندك المَلَكة وإيدك حساسة باللي بتعمله".
تعليقات الفيسبوك