خيم الحزن على سكان قرية سيدي جامع، التابعة لمركز دسوق بمحافظة كفر الشيخ، بعد نبأ وفاة طبيب من أبناء القرية متأثرا بإصابته بفيروس كورونا، كان يعمل رئيسا لقسم الرمد بمستشفى دسوق العام.
يقول محمد جنادي، الصديق المقرب للدكتور بشير الطباخ الذي وافته المنية صباح اليوم، إن الفقيد لم يكن مجرد صديق فقط، بل كان بمثابة الأخ، حيث جمعتهما الصداقة منذ 40 عاما، بعد أول لقاء بينهما في المسجد الكبير بالقرية: "عرفنا الدنيا مع بعض، عرفته في الجامع كنا بنصلي مع بعض، ومع تكرار المقابلة داخل المسجد بقينا أصحاب، وبعد كده بدأت أروح عنده البيت وهو يجي عندي، وبقينا روح واحده في جسدين".
منذ الصغر ظلت العلاقة ممتدة، حتى صُدم "جنادي" برحيل صديق عمره، فقد صديقا مخلصا ووفيا: "من صغره كان ملتزم بالصلاة في وقتها في المسجد، كان خير جدا، ومستحيل حد يقصده في حاجه ويرده، كنا عاملين مشروع لمساعدة الفقراء، ولما عرضت عليه الفكرة كان هو أول واحد من الناس اللي شجعونا علي إكمال الفكرة دي وأول واحد دفع فلوس".
ويتابع: "كان رحيما بالمرضي جدا، ومكنش بيدقق مع حد في الفلوس، وكان بينا اتفاق إني أجيب له أي حاله فقيرة محتاجه تكشف أو حتى تعمل عملية، ومستحيل كان يحرج الحالات دي بالعكس كان بيتعامل معاهم بأسلوب راقي جدا، والكل كان بيحبه، ووفاته فاجعة كبيرة".
يحكي "جنادي" موقفا للطبيب الفقيد مع إخوته عند تقسيم الميراث حينما مرضت أخت له وقرر مساعدتها، لكن شعر بالذنب وأحس أن باقي إخوته ربما يشعرون بضيق من أنه منح أموالا لواحدة منهم ولم يعطيهم هم: "جه قالي أنا حاسس بالذنب يا محمد وقررت أدي إخواتي الستة نفس المبلغ اللي دفعه في علاج واحده منهم، علشان محدش منهم يشيل في نفسه، وكانوا كلهم بيحبوه جدا، لأنه طول الوقت كان معاهم في كل المناسبات وعمره ما قصر مع حد".
يحكي "جنادي" عن صفات حسنة تجسدت في الدكتور بشير الطباخ شهيد كورونا، يقول إنه كان يدخر عنده أمواله، وحينما يحتاجها يجدها كما هي، فقد كان أمينا لأقصى درجة: "مكنش بيفك منهم فلوس حتى، كنت الاقي فلوسي زي ماهي، وكان بينا اتفاق أنا وهو وصديقي ناجي أبوالحاج، أن محدش فينا يزعل من التاني مهما حصل، ونحترم ظروف بعض، واستمرت العلاقة بينا طول المدة دي دون أي خلاف حتى".
ويتابع: "طول الوقت كان بيقرأ قرآن ودايما ماسك المصحف في ايديه وذكر ربنا دايما كان على لسانه"
يمسك بطرف الحديث محروس جامع، أحد أبناء القرية ويقول إن والده كان صديقا شخصيا لوالد الفقيد، وتوفيا معا في نفس اليوم بعد معاناة طويلة مع مرض الفشل الكلوي: "أبويا وأبوه كانوا أصحاب ومن صغرنا واحنا بينا علاقة كويسة، لحد ما نقل من البلد لكن فضل رايح جاي، كل يوم جمعة كان يجي يصلي معانا، ومفيش مناسبة تفوته، كان خدوم جدا وحافظ القرآن، كان وقت الصلاة يسيب العيادة ويروح يصلي".
ويتابع: "كان بيعامل الكل باحترام وحب، وعمره ما كان متكبر، أو حسسنا إننا طبقة أقل منه باعتبار إنه دكتور، كان بيقف يسلم علي أي حد وينزل مخصوص من عريبته"
ويقول أحمد خليل، صاحب كافية بمدينة دسوق وأحد أبناء قرية الكوم الكبير المجاورة لقرية الطبيب الراحل، إنه حضر موقفا للطبيب لم ينسه حينما مرض شخصا ما في القرية، وهم" خليل" لزيارته وحينما دخل وجد الطبيب يجلس إلى جوراه لتشجعيه على مقاومة المرض: "كان تخصص عيون لكن جه مخصوص يزور جار لينا مريض، وقعد يشجع فيه ويبوس في رأسه ويقوله متخفش، ده غير دوره الكبير في الجمعية الخيرية في البلد، وكلنا كنا بنحبه وبنعتبره رمز للبلدين".
تعليقات الفيسبوك