يسمونه سن الكمال. فهو السن الذي بوصول الرجل إليه كأنه كَمُل بكل شيء. 60 عاما عندما يبلغها عداد العمر يكمل العقل ويأخذ الشخص راحة من عمله ويخرج بالمعاش. إلا أن حالة ذلك المعلم والذي ينقصه يوم واحد فقط على هذه السن كانت كافية ألا ينسى دوره ويفضل العمل على الراحة.
وقف أحمد السيد المعلم الخبير، داخل مدرسته مصنع سكر دشنا الإعدادية بمركز دشنا، وهو يفصله عن سن المعاش يوما واحد، مرتديا ملابسه القديمة البالية، حاملا على ظهره صندوق موصلا به أنبوب يمسكه في يده، يرش به الحوائط والصنابير وكافة الأماكن الحيوية، يحمي بتلك المادة زملائه وطلابه داخل المدرسة من فيروس كورونا، فتلك المادة تساعد على التعقيم والتطهير.
"ده بيتي".. بهذه الكلمات بدأ معلم المجال الصناعي حديثه لـ"الوطن"، إذ قضي مسيرته في مجال التعليم التي وصلت لأكثر من 30 عاما داخل تلك المدرسة، فتعلق قلبه بها، ولا يقبل أن يري مكروها يصيبها أو آذي يتعرض له طلابها، فموقفه جاء بدافع الانتماء لذلك المكان الذي أعطاه من عمره الكثير، ليقرر أن يكون آخر عمل له هو حماية معلميها وطلابها.
لم تكن تلك المبادرة الوحيدة التي يقوم بها المعلم في المدرسة التي يعمل بها، "أوقات بنظف دورات المياه، أو بصلح المقاعد المكسورة، وأحيانا جمع قمامة الحوش"، وتأتي مواقفه بدافع داخلي بعيدا عن طبيعة عمله كمعلم للمادة المجال الصناعي.
تفاجأ "السيد"، بصورته المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي، التي نشرها وكيل المدرسة له، كنموذج في الإخلاص والتفاني في العمل، "ده واجبي تجاه مكان عشت فيه أكثر من 30 سنة، أنا بحب المكان ده ومش عارف أزاي هبعد عنه".
لا ينتظر المعلم البالغ من العمر 60 عاما، أي مكافأة أو إشادة على قيامه بواجبه تجاه المكان الذي ينتمي له، حتى أنه بعض زملائه عرضوا إقامة حفل وادع له في آخر يوم له بالمدرسة، إلا أنه رفض: "قلت لهم الفلوس دي المدرسة أحق بيها مني".
تعليقات الفيسبوك