الطموح هو امتلاك الحافز لبلوغ القوة، حيث يريد الأشخاص الوصول لأكبر وأعلى المناصب، واكتساب القوة، سواء النفسية أو المادية أو الاجتماعية.
أحمد شريف شتا، أحد أبناء مدينة دسوق بكفرالشيخ، اكتسب صفة الطموح منذ صغره، ولم يحول السن بينه وبين تحقيق حلمه الذي يكمن في حفظ وقراءة القرآن الكريم، وهو ما حققه بالمرحلة الإعدادية رغم تعليمه في مدارس عادية وليس معاهد أزهرية.
بداية الرحلة
ظهرت موهبة "شتا" حينما قرر أن يذهب لأحد المشايخ في قريته ليتعلم منه أصول قراءة القرآن الكريم إلى أن توفي الشيخ سيد حسب الله، إمام المسجد وأول من علم الصغير كيفية الحفظ إلى جانب شيخ يدعي محمد عبدالعزيز، والذي علم الصغير فنون القراءة والنغم: "لما مات الشيخ سيد حسيت إن الأمور اتعقدت لكن علشان كان عندي حلم كبير، فروحت لشيخ تاني في المسجد الإبراهيمي تحت إشراف الشيخ محمود هاشم، وده معاه العشر قراءات، علمني ربع القرآن برواية حفص عن عاصم، ولكن تعب قبل ما أكمل الحفظ".
عقبات وعدم استسلام
لم يعتاد "شتا" أن يستسلم يومًا، لذلك أخذ بنصيحة الشيخ قبل أن يمرض، وذهب لشيخ يدعي حواش إسماعيل حواش، في أحد القري القريبة من قرية الصغير، وأضاف لـ"الوطن":"ختمت على يده القرآن، وعملت ختمة في حضور واحد مجاز له إجازة القراءة برواية حفص عن عاصم، ومضي شاهد في الإجازة، وواحد تاني إمام وخطيب مسجد، وفيه واحد كمان كان تبع جمعية خيرية، دول كانوا شهود علي الختمة وإتمام الحفظ".
تداعيات فيروس كورونا
ظهر فيروس كورونا المستجد والذي أصاب العالم بالهلع وتمكن من السيطرة على مجريات الأمور، وهنا كانت العقبة الأصعب التي واجهت الطفل، البالغ من العمر 15 عامًا، لكنه لم يستسلم وقرر أن يواصل الذهاب إلي الشيخ حتى يحصل على إجازة القراءة: "بعد عذاب وتعب، اختبرني تاني من الأول ولاقاني حافظ كويس بالتجويد، أداني إجازة في قراءة وإقراء القرآن الكريم برواية حفص عن عاصم، من طريق الشاطبية بتوسط المنفصل بالسند المتصل إلي رسول الله، والإجازة دي بتسمح ليا اقرأ قرآن في أي مكان، ووسط الناس وفي العزاء"، مضيفًا:"أنا رقم 30 في السند، دي إجازة حفص عن عاصم، فيه إجازة تانية وهي إجازة في تحفة الأطفال والمقدمة الجذرية، ودي كتاب صغير بيتحفظ بهدف ضبط التجويد في القرآن".
تحدي وإصرار
وضع الصغير حفظ القرآن نصب عينيه ليسبق أبناء جيله، على الرغم من مروره بأزمات أعاقت تحقيق حلمه:" كان عندي صبر، وواجهت مواقف صعبة كتير، كنت بروح اقرأ في معازي من ورا أهلي، علشان كانوا فاهمين إني بهرب من الدراسة بالقرآن، وفي الحقيقة أنا ما شوفتش التفوق غير لما حفظت القرآن".
حلم العمر يتحقق
حصل "شتا" علي الزي من شيخه الذي توفى قبل أن يكمل الحفظ، بعد أن أوصي الشيخ بأن يكون الصغير هو الوريث الشرعي للزي الخاص به: "في بدايتي مكنش فيه حد بيشجعني كنت لوحدي وأنا بحفظ، وكنت اطلع ليلة العزاء وارجع من غير ما حد يعرف إني كنت في بقرأ في عزاء، وكنت بحلم اجيب الزي، لكن مكنش معايا فلوس، ولما ورثت الزي بتاع شيخي، حسيت إن حلمي بدأت يتحقق، وكنت مبسوط جدًا رغم انه كان كبير عليا، إلا أنه كان بالنسبة ليا الجايزة اللي اخدتها، بعد كده اشتريت جبة من أول أجر أخدته في حياتي، وبعد كده صديق ليا اداني جبة خارجي هدية، كان سمعني ومعجب بأدائي".
بعد حصوله على إجازة قراءة وإقراء القرآن أصبح من حق الصغير أن يجيز القراءة لمشايخ تكبره في السن: "ناوي أحوش من أجر المياتم علشان آخد القراءات السبعة وأبقي بكده أخدت أغلب القراءات".
الطفل الوحيد الذي يحصل علي الإجازة
أكد "أحمد شريف شتا" لـ"الوطن"، أنه الطفل الوحيد الذي يحصل علي إجازة قراءة واقراء القرآن في محافظة كفرالشيخ: "اعتبر الوحيد اللي طلعت دكة قراءة ميتم وأخدت أجر فيها وأنا في السن ده، وعندي طموح إني اخد السبع قراءات في وقت قياسي".
ردود الفعل حول تلك الإجازة عوضت" شتا" عن ما مر به طوال تلك الفترة التي سبقت الحصول علي الشهادة:"كل الناس فرحت أوي بالإنجاز ده، وأنا نفسي أكون قارئ طبيب، وبسعي إني اتفوق في دراستي، بنفس تفوقي في الحصول علي إجازة قراءة وإقراء القرآن".
تعليقات الفيسبوك