لم يشفع له مرضه عند قلوب أبنائه المتحجرة، الرجل الذي قضى 44 عاماً من عمره يسعى لجلب الرزق، لضمان مستقبل جيد لأبنائه الخمسة، حتى تمكن من شراء قطعة أرض لهم كفلت لهم الاستقرار الأبدي، ولكن بعد أن خارت قواه، تركه الأبناء في الشارع، حتى انتقل لمؤسسة معانا لإنقاذ إنسان، واحتضنه الغرباء، بعد أن رماه ذويه.
صابر درويش، 69 سنة، أحد المستجدين على دار إيواء المشردين بمنطقة بولاق الدكرور، تركه أبناؤه بعد أن أصابه المرض، إلى أن عرف طريق المؤسسة التي أنقذته من الرصيف.
عن فترة الإقامة في الشارع يقول الرجل الستيني، إنه كان يعمل حداداً، إلى جانب عمله في ورشة "ألومنتال"، وبعد أن تقدم به العمر، أصابه العجز في إحدى قدماه ولم يعد يقوى على المشي، وهنا قرر أبناؤه التخلص منه: "مكنتش بحرمهم من أي حاجة، وكنت بشتغل أكتر من 17 ساعة في اليوم عشانهم، وفي يوم وأنا رايح الشغل الصبح، حسيت إن رجلي منملة، قلت أقف شوية أشرب سيجارة يمكن أبقى أحسن، وفجأة وقعت من طولي، ولاد الحلال شالوني ودوني الورشة، لاقيت صاحب الشغل بيقولي هو أنت جاي تقعد لي قوم أشتغل، قلت له لا هسيبها لك، ما أنا خلاص كبرت وعجزت، قالي مع السلامة، روح لحالك".
وهنا بدأت المعاناة، فبعدما علم أبناؤه بما حدث، قرروا التخلص منه، نظرا لعلته، فهو لم يعد يقوى على الحركة: "رموني في الشارع، وفضلت نايم على ضهري 5 شهور محدش منهم بيسأل عني، معرفش ليه عملوا فيا كده، رغم إني مكنتش بحرمهم من حاجه، وكنت بستخسر اللقمة في نفسي علشانهم".
ويتابع: "بعد فترة عرفت إنهم باعوا البيت من ورايا، فمحبتش أروح اشتكيهم، برضه ولادي مهما كان".
بمساعدة أحد أبناء المنطقة التي كان يقطنها العجوز الستيني، انتقل "صابر" إلى دار إيواء المشردين بمنطقة الهرم، قبل أن ينتقل إلى مؤسسة معانا لإنقاذ إنسان: "لقيت هنا احترام وحب، من ناس معرفهاش، لكن بيعاملوني كويس جدا، وبعد ما كنت بنام في الشارع ومليش حد بقيت أنام على سرير خاص".
يضيف: "الصبح بيحموني، وباكل انضف أكل، وبلعب دمينو مع الناس هنا، ومحدش مقصر معانا في أي حاجه، ونفسي قلب عيالي يحن عليا، وأنا دلوقتي معرفش عنهم أي حاجة".
تعليقات الفيسبوك