سيد أنيس
يداه مصفرتان من أثر النُحاس، يحكم قبضته على مطرقته الحادة حتى يلين له المعدن فيبدع في تشكيله برسوم عربية وإسلامية، بابتسامة لا تفارق وجهه يجلس العجوز الستيني سيد أنيس، في أحد أركان معرض تراثنا المقام حاليا بأرض المعارض، يمارس مهنته أمام الجمهور الذي يتوقف أمامه إعجابًا بحرفته، لايمل من قضاء ساعات طوال بين أدواته الحادة ليخرج شكلا فنيا يشيد به الجميع، "مهنتي اللي ورثتها عن أبويا وجدي بقالي أكتر من 50 سنة فيها ومش هسيبها لحد ما أموت"، يقول عارض المشغولات النحاسية الأكبر سنًا بين العارضين في"تراثنا" في بداية حديثه لـ"الوطن".
وسط عشرات من العارضين الشباب في معرض تراثنا للحرف اليدوية في دورته الحالية المقامة بأرض المعارض بالتجمع الخامس، ينفرد سيد أنيس، بفنه من النقوش العربية والإسلامية على النحاس الأصلي، مهنته التي احترفها منذ أن كان في السابعة من عمره، باتت محط أنظار المعرض المتجولين بين أركانه، "قررت أشارك عشان أبيع بضاعتي والحمدلله البيع كويس والبضاعة اتحركت"، يقول الأسطى سيد عن تجربته الأولى في معرض تراثنا، الذي قرر المشاركة فيه هذا العام لترويج بضاعته المركونة بفعل حركة الركود في السوق خلال أزمة كورونا وحظر التجوال الذي ألزم الجميع المنازل في الأشهر الماضية.
فارق كبير بين وضع المهنة حاليًا عن السنوات التي أفنى الرجل العجوز عمره بها، كان النحاس المطعم بالفضة هو سيد الموقف في محله الكائن بربع السلحدار، حتى حل محله النحاس الأحمر وصولا إلى طلاء النحاس بألوان مختلفة، يجيد تداخلها معًا في قناديل ومبخرة وفوانيس وأباليك نحاسية، "لما روحت المعرض الناس كلها بتيجي تسألني ده نحاس بجد؟ الناس مش مصدقة إنه نحاس حقيقي لأن الزبون اتعود على أن الحاجة صاج مطلية بلون النحاس".
أسعار المنتجات النحاسية اختلفت كثيرا عن السابق، "زمان كنت بعمل النحاس عمولة للزبون مخصوص، زمان النحاس كان زي الدهب"، وبات الأمر حاليا مقتصرًا على بيع بعض الأنتيكات النحاسية بأسعار أقل بكثير عن الماضي، "الصنعة دي أدواتها متعبة والجيل الجديد مش فاهم فيها زينا"، مختتما حديثه بالتعبير عن فرحته لمشاركته الأولى في"تراثنا" وسط العارضين الشباب.
تعليقات الفيسبوك