47 عاما مروا على ذكرى نصر أكتوبر، التي لا تزال محفورة في أذهان المصريين، يتوارثون حكايتها وفخرها جيلا بعد جيل، انتصارا دفع أبناء هذا الشعب المخلص ثمنه غاليا من أرواحهم ودمائهم من أجل استعادة أراضيهم من العدو الإسرائيلي، إذ لقن الجيش المصري قوات الاحتلال درسا عسكريا في فنون القتال والحرب يوم 6 أكتوبر عام 1973.
قبل ساعت قليلة من حرب أكتوبر، كانت معنويات المصريين في حالة سيئة مع تأخر موعد مواجهة العدو، والثأر منه بعد نكسة 67، وكانت الآذان ملتصقة بالراديو مع كل بيان يصدر عن القوات المسلحة، لكنهم لم يتوقعوا أن يأتيهم صوت المذيع الكبير حلمي البلك بالمفاجأة: "هنا القاهرة.. نجحت قواتنا في عبور قناة السويس وتدمير خطوط العدو"، لينقلب الحال إلى فرحة وسعادة وصرخات تهليل وتكبير، عكس ارتفاع الحالة المعنوية، بعد شعورهم باسترداد كرامة المصريين وتكبيد العدو خسائر كبيرة يتحاكى بها العالم حتى آلان.
ملحمة النصر العظيمة ظلت راسخة في أذهان الأجيال، وكلما جاء يوم 6 أكتوبر أو العاشر من رمضان، يسارعون لمشاهدة العديد من المسلسلات التي ترتبط بذكرى الانتصار على العدو الإسرائيلي، واسترجاع الغالية سيناء.
السقوط في بئر سبع
إبراهيم شاهين وإنشراح موسى، مصريان لكنهما اختارا بيع الوطن وترابه من أجل حفنة نقود يقدمها لهم العدو بحذائه، بحثا عن الثراء السريع، ففي عام 1967 عقب النكسة، كانت الأحوال المعيشية سيئة للجميع واندلعت العديد من الأزمات التي هددت أسر الكثيرين، ما دفع "إبراهيم" للتعاون مع إسرائيل والعمل لديهم ونقل أخبار الجيش المصري وأحوال الشارع لهم، وتعاونت معه زوجته "انشراح" وابنهم الأكبر "نبيل"، وكانوا يصورون المواقع الحربية المختلفة، وإرسالها إلى المخابرات الإسرائيلية.
وعقب حرب أكتوبر المجيدة، قررت إسرائيل استجواب الجاسوسين، لتقرر بعد ذلك أهمية الاستفادة منهم وإعطائهم جهازا حديثا للغاية يمكنه بث الرسائل دون تعقبها، لكن المخابرات المصرية نجحت في الإيقاع بهم والقبض على العائلة بأكملها في أغسطس 1974.

وأعدم الزوجين الخائنين فيما حكم على الابن الأكبر "نبيل" بالأشغال الشاقة، وأودع الشقيقين "محمد" و "عادل" بالإصلاحية.. قصة العائلة الخائنة جسدها مسلسل "السقوط في بئر سبع" الذي عرض عام 1994، بطولة الراحل سعيد صالح، والنجمة إسعاد يونس.
دموع في عيون وقحة
أحمد محمد عبد الرحمن الهوان، شاب مصري، منذ صغره حمل على عاتقه مسئولية أسرته المكونة من أمه المسنة وشقيقه الطائش وابنة خالته التي أصبحت زوجته، كان يعمل في ميناء السويس، وفي أحد أيام تنفيذ العدو الإسرائيلي الغارات على السويس أصيبت زوجته بالعمى.
زاد الحمل على عاتقه، ليتلقى عرضا مغريا من جهاز المخابرات الإسرائيلي "الموساد" الذي تطمح في تجنيده ليعمل جاسوسًا على وطنه وينقل أخبار الميناء واستعدادات وتحركات الجيش.
رفض "الهوان" بدافع وطنيته وانتماءه، وأبلغ المخابرات المصرية التي طلبت منه مجاراة العرض الإسرائيلي، ونقل معلومات بعضها صحيح والآخر زائف، لتشتيتهم، وظل يعمل كمعميل مزدوج لست سنوات، من أجل الحصول على أسرارهم.

وبعد قيام حرب أكتوبر، حصل "الهوان" على جهاز إرسال من الموساد قيم للغاية ويعد من أحدث أجهزة التجسس، لتستولى عليه المخابرات المصرية، وتكتمل هزيمة الموساد وإسرائيل بنصر أكتوبر، وعودة البطل المصري لوطنه.
قصة الهوان جسدها الفنان عادل إمام من خلال شخصية "جمعة الشوان" في مسلسل "دموع في عيون وقحة"، الذي عرض عام 1980.
رأفت الهجان
رغم أنه واحدا من أشهر وأفضل المسلسلات التي ناقشت ملحمة نصر أكتوبر وخلفياتها عن طريق تجسيد مغامرة البطل الشعبي "رفعت الجمال"، إلا أنه ناقش أيضا كيفية عمل جهاز الموساد وتحجيمه لتحقيق نصرا استخباراتيا مهما يزين الانتصار المجيد.

"رأفت الهجان" مثلما جاء في المسلسل الذي عرض عام 1987، والمكون من ثلاثة أجزاء، هو الاسم الحركي للبطل "رفعت الجمال"، الذي جسد دوره في المسلسل الراحل محمود عبد العزيز، كان شابا مستهترا في بداية حياته وعاندته ظروف الحياة القاسية، إلا أن المخابرات المصرية تمكنت من زرعه وسط المجتمع اليهودي في عام 1956، واستطاع نقل معلومات قيمة للغاية للمخابرات المصرية ساعدت على النصر.
ظل "الجمال" يعمل تحت ستار شرطة سياحة وأصبح من كبار السياسين البارزين في المجتمع الإسرائيلي، دون أن يكتشف أحد علاقته بالمخابرات المصرية لمدة 17 عاما، وكان له دورا فعالا للغاية في نقل إمدادات وتحصينات الجيش الإسرائيلي وفتحات قنوات النابالم للمخابرات المصرية.
تعليقات الفيسبوك