"ريزاتا" مطعم "كريم" المتنقل على "سكوتر" بستانلي: أكل العيش يحب الخفية
بين العديد من الأفراد الذين يقفون على كوبري ستانلي بالإسكندرية الذين وقفوا لالتقاط صور تذكارية، والباعة المتجولون باستمرار، يجذب المارة ليس بـ"السكوتر" الأبيض المميز الذي يحمل علبا كثيرة كبيرة الحجم، وإنما أيضا برائحة الطعام و"الصوص" والحلوى الشهية، بأسعار لا تتجاوز 10 جنيهات.
"ريزاتا" كلمة إيطالية تعني "الضحك"، ولكنها كانت "الحلم" لكريم محمد، 32 عاما، منذ صغره، حيث كان يتمنى إنشاء مطعم يحمل نفس الاسم ويكون محبوبا يرسم الابتسامة على وجوه الجميع، لحبه الشديد للطعام والطهي، وهو ما تحقق بالفعل قبل 3 أيام، ولكن بشكل آخر.

عقب تخرج "كريم" من قسم الفلسفة بكلية الآداب لجامعة الإسكندرية، بحث عن فرص العمل ذات الرواتب الجيدة التي تضمن له مستوى معيشي مناسب، فاتجه إلى الشركات العقارية التي عمل بها كمندوب مبيعات، ليلتحق بشركة استثمارية لإدارة المشروعات قبل 6 أشهر، ولكن مع تفشي جائحة كورونا بمصر، لم يتمكن من العمل بانتظام سوى شهرين، ومكث في المنزل.
مع العودة التدريجية للحياة في مصر، استكمل الشاب السكندري عمله عبر الإنترنت هذه المرة، ولكن قوانين التصالح في مخالفات البناء والبناء الموحد، أثروا مجددا على الشركة نظرا لاعتمادها على المقاولين الذين يواجهون مشاكل عديدة حاليا بسبب تلك القرارات، ليتم قصر العمل لمدة أسبوعين دوريا، بين 4 أفراد فقط من بين 12 آخرين.

لحوالي شهر ونصف الشهر، مكث خريج الفلسفة، مجددا بالمنزل، في انتظار دورته بالعمل، ليستيقظ في أحد الأيام ويجد والدته تمنحه 200 جنيها كمساعدة منها له "بصيت لهم وقولت طيب لما يخلصوا هعمل إيه"، ولكن تلك النظرة الحزينة أيقظت داخله حلمه القديم في أن يكون طباخا وصاحب مطعم، حيث يتولى أمور الطعام في المنزل ببعض الأوقات، وباستمرار عند السفر والعزائم.
بادرت فكرة بيع الساندوتشات على "سكوتر"، المملوك لنجل عمه، في ذهن الشاب الثلاثيني، ليعتمد على المائتي جنيه فيها، ويفكر في صناعة لوح خشبي يضع عليه الطعام بشكل حرف "T"، فهرول لشرائه ويطلب من خاله صناعته، قبل أسبوع، بينما ساعدته خطيبته الطالبة بكلية الفنون الجميلة في دهانه وتصميم لوجو خاص به يحمل اسم "ريزاتا"، واقترض 100 جينه لشراء مكونات الأطعمة، بينما عكف على اليوتيوب لإعداد "الصوصات" المختلفة.

في غضون 4 أيام، أنهى "كريم" استعدادته لمشروعه، ليبدأ الثلاثاء الماضي، أول أيام عمله، بعد أن اختار كوبري ستانلي لشهرته الواسعة بالإسكندرية، فيما ازداد بداخله القلق والتوتر بشدة، إلا أن إقبال المواطنين عليه امتص ذلك تماما، وتحول إلى اطمئنان وفرحة مع سعادتهم بالطعام وتشجيعهم له، لحرصه على اتباع قواعد الصحة والأمان فيه.
باللوح الخشبي الأزرق الذي يتكأ "السكوتر" الأبيض، وضع مكوناته الخاصة لصناعة ساندوتشات "التونة بالمايونيز ومشكل جبن، والكريمة والعسل والشيكولا والمكسرات، والصوصات المختلفة"، بجانب الساندوتش الذي ابتكره حديثه وأسماه "لانشونيلو"، كونه عبارة عن تشكيلة من "اللانشون" مع السوسيس والمسطردة، وتراوحت أسعارهم بين 5 وحتى 10 جنيهات.
جودة الساندوتشات والأسعار المنخفضة، ساعدت في زيادة الإقبال على "ريزاتا"، ليستهلك باليوم الأول 70 رغيفا، ارتفعوا بالثاني إلى 100، وفي الثالث وصلوا لـ150 رغيفا، ما مكنه من سداد نصف دينه في 72 ساعة، مكث أغلبهم بين التحضير للطعام، قبل أن يتحرك بـ"السكوتر" في الحادية عشر ليلا وحتى الساعات الأولى من صباح اليوم التالي، بدعم وتشجيع من المارة والباعة المجاورين له.
"أول مرة أعمل حاجة بحبها، من سنين مرتحتش كده".. يعتبر ذلك هو الشعور المسيطر على كريم محمد، حاليا تجاه مشروعه، الذي يتمنى أن يستمر بنجاح ويتطور حتى يصبح مطعما ضخما بنفس الاسم، قائلا: "وهيفضل الساندوتش بـ5 جنيه بردو".
تعليقات الفيسبوك