تكون الجلطات أسفل الميكروسكوب
أكثر من 9 ملايين إصابة و493 ألف وفاة، هي آخر حصيلة لضحايا فيروس كورونا المستجد الذي يفتك بالبشر دون رحمة أو هوادة منذ شهر يناير الماضي، الأمر الذي جعل منظمة الصحة العالمية تدق ناقوس الخطر وتعلن حالة الطواريء وتصنف الوضع بأنه تجاوز مرحلة الوباء وأصبح يصنف بالجائحة.
وبالرغم من أن الفيروس تركيزه الأساسي هو مهاجمة خلايا الرئتين والجهاز التنفسي، وهو أمر قاتل في حد ذاته، إذا لم يتم الحذر منه، فإن تشريح العديد من ضحايا الفيروس كشفت عن مفاجأة جديدة.
وذكرت أحدث الدراسات التي نشرت في مجلة "لانسيت" العلمية في 25 يونيو الماضي، والتي ألفها 12 باحثا، وهم " إيمي.ف. رايكافوتش"، مايستيفاني إي كارسون، ستيفانيا بيتوليجا، ديفيد .إي.كلاينر ، جيفري س. برجر ، شنشن ماي، سارون توماس، نيكول إم أدلر، ديفيد م. تشاريتان ، بيليل قاسمي ، جوديث س.هوتشمان ، هارموني ر. رينولدز، وقالت إن غالبية مرضى الفيروس التاجي يعانون من أعراض خفيفة، في حين يتعرض آخرون لمضاعفات خطيرة مثل متلازمة الضائقة التنفسية الحادة والمعروفة علميا باسم "Acute respiratory distress syndrome"، وهي نوع من الفشل التنفسي يتميز بسرعة ظهور الالتهاب المنتشر في الرئتين وحدوث جلطات كثيرة في الرئة، بالإضافة إلى وصمات الدورة الدورية، إصابة الكلى الحادة، عدم انتظام ضربات القلب، وهي التي ساهمت في ارتفاع معدل الوفيات.
ووفقًا لصحيفة "لوموند" الفرنسية، فإن دراسة تم إجراؤها من قبل أخصائي الطب الشرعي وعلماء الأمراض في قسم الطب الشرعي في المركز الطبي الجامعي هامبورج، كشفت عن المزيد، بعد تشريح جثث 12 متوفيا بكورونا.
وكشفت الدراسة عن حدوث جلطات الدم بشكل متكرر في الأوردة العميقة وفي الدورة الدموية الرئوية، وبعبارة أخرى تواتر مرتفع لمرض الانصمام الخثاري الوريدي في مرضى كورونا.

أظهرت عمليات التشريح انتشارا مرتفعا للجلطات الدموية التي تعيق تدفق الدم في الشعيرات الدموية الرئوية، بالإضافة إلى الخثار الشرياني الرئوي، كما عثر الباحثون على ميكروبات متكررة في الأوعية الدموية الدقيقة بداخل عينات الخزعة التي تم الحصول عليها من الجلد والكلى، وأظهرت تقارير التشريح تشكيل خثرات في مناطق أقل شيوعا في الجسم بما في ذلك الوريد البابي الكبدي والضفيرة الوريدية البروستاتية والقلب.

العلاج المضاد للتخثر ارتبط بنتائج أفضل
وأشارت الدراسات إلى أن العلاج المضاد للتخثر بما في ذلك زيادة منع تخثر الدم المكثف، قد يرتبط بنتائج أفضل في المرضى المصابين بـ "كوفيد 19"، كما أجرى الباحثون سبع عمليات تشريح لجثث ضحايا كورونا في مركز طبي أكاديمي بنيويورك، وعثروا على نتائج أثبتت أن الوفاة لم تكن بفعل الفيروس بل بسبب حدوث جلطات ومضاعفات في الرئتين والقلب والكليتين والكبد والعظام.
وباستخدام معدات الحماية الشخصية أجرت الباحثة "إيمي" عمليات تشريح للضحايا في منشأة للضغط السلبي بمستشفى جامعة نيويورك، وبالتواجد مع عدد محدود من الموظفين للحد من المخاطر، وتم تقييم الرئتين والقلب والكلى والطحال والغدد الليمفاوية والكبد والعظام والعضلات الهيكلية بالتفصيل في جميع الحالات.
وتم إجراء الفحص المجهري الإلكتروني على عينات محدودة بناءً على توفر الموارد، مع التركيز على الأعضاء التي كانت غير طبيعية بشكل كبير، بما في ذلك الرئة، القلب، الكلى، الكبد، الدهون والعضلات الهيكلية ونخاع العظام .
وأرسلت الباحثة الكتل التي تم العثور عليها في أنسجة أعضاء جميع الحالات إلى مختبر علم الأمراض التابع للمعهد الوطني للسرطان للاستشارات المناعية الكيميائية، وتم دعم الأبحاث جزئيا من خلال برنامج البحث داخل المعهد الوطني للسرطان مع الإبلاغ عن سلسلة عمليات التشريح السريرية لمجلس المراجعة المؤسسية لكلية الطب بجامعة غروسمان، والحصول على موافقة أقرباء كل حالة.
وترواح أعمار الحالات السبع الذي تم إجراء عمليات التشريح عليهم ما بين 44 إلى 65 عاما، أربعة منهم إناث، وتعرض اثنان من الضحايا الذين خضعوا لعزل منزلي لانخفاض النبض الانقباضي بعد إبلاغه عن شعوره بالأعراض بعدة أيام وتناولا الأسبرين المسيل للجلطات، في حين أن المرضى الخمسة الآخرين تلقوا جميعا مضادات تخثر علاجية ووقائية أثناء فترة تواجدهم بمستشفى العزل، وتلقوا جرعة واحدة من عقار أزيتروميسين وهيدوكسي كلوركين،فيما تلقى البعض منهم مثبطات إنزيمي "IL-1 و IL-6"، وكان جميع المرضى السبعة إيجابيين للفيروس التاجي.
وجود الجلطات الدموية للكبد والرئة والكلى والقلب، وأظهرت جميع الحالات، بغض النظر عن تلقي مضادات التخثر، وجود الجلطات الدموية الغنية بالصفائح الدموية في الأوعية الدموية الرئوية والكبدية والكلوية والقلبية وفي الرئتين، تضمنت الجلطات الأوعية الكبيرة والصغيرة، ولوحظ خثرة شريانية رئوية في أربع حالات، تلقت ثلاث منها منع تخثر الدم (اثنان بجرعة علاجية وواحدة بجرعة وقائية).
وشمل ذلك الجلطة الانسدادية البيضاء في الغالب في الشريان الرئوي الرئيسي الأيمن، والخثرة الجدارية البطينية اليمنى المتعددة، والخثرة الشريانية الرئوية القطاعية.
وفي جميع الحالات تم العثور على خلايا نخاع عظمي ضخمة متوافقة مع صفائح دموية داخل الأوعية الدموية القلبية، ولم تكن هناك شوائب فيروسية على المجهر الإلكتروني للقلب، بالإضافة إلى العثور على جلطات وريدية داخل القلب مع احتشاء لعضلة القلب نفسها بالإضافة إلى تصلب الشرايين التاجية، كما تم العثور على غشاء زجاجي مكون على أغشية الرئة وجلطات دموية في الأوعية الدموية الرئوية مع وجود ارتشاح لمفاوي.
مضاعفات الفيروس أثرت على أعضاء الجسم بالكامل
وأثبتت نتائج عمليات التشريح أن الجلطات الدموية الغنية بالصفائح الدموية موجودة في الأوعية الدموية الرئوية والكيدية والكلوية والقلبية، وهذه الجلطات تكونت قبل الوفاة، ما يشير إلى أن الوفاة ناجمة عن تخثر الأوعية والجلطات التي تكونت في الأوعية الدموية، ما يعني أن مضاعفات فيروس كورونا وتأثيره على الأعضاء الأخرى كان سببا في وفاة الضحايا وليس بسبب تأثير الرئة فقط.
وأوضح نائب رئيس معهد روبرت كوخ، لارس شاده، التابع للوكالة الألمانية الاتحادية المسؤولة عن الأمراض المعدية، أن مجموعة من الأطباء اكتشفوا، بعد عمليات التشريح، مفاجآت حول الفيروس القاتل الذي يجتاح العالم كورونا، أهمها أنه ليس وحده من يقتل ضحاياه، وفقا لموقع "دويتشه فيله".
مدير معهد الطب الشرعي في ألمانيا: لا أحد من المتوفين مات قطعا بسبب فيروس كوفيد-19
وقال مدير معهد الطب الشرعي بجامعة المركز الطبي في هامبورغ كلاوس بوشال، إن 46 من من أجرى تشريح رفاتهم كانوا مصابين بأمراض الرئة قبل إصابتهم بكورونا، و28 منهم عانوا من أمراض داخلية أو من أمراض أصابت أعضاء مزروعة في أجسادهم.
بالإضافة إلى ماسبق، وجد مدير معهد الطب الشرعي في ألمانيا، أن 10 من المتوفين عانوا من السكري والسمنة، و10 آخرين كانوا مصابين بالسرطان، و16 منهم عانوا من الخرف (الزهايمر)، كما أن بعض المتوفين كانوا يعانون من عدد من الحالات المذكورة مجتمعة.
البيانات التي حصل عليها "بوشال" جاءت من تشريح 100 جثة، جميعها تؤكد أن لا أحد من المتوفين مات قطعا بسبب فيروس كوفيد-19، بل إنهم جميعا كانوا يعانون من مشكلات القلب والأوعية الدموية ومن ارتفاع ضغط الدم ومن تصلّب الشرايين والسكري والسرطان والفشل الكلوي أو الرئوي أو من تليّف الكبد.
تعليقات الفيسبوك