بعد انتشار فيروس كورونا، انتعشت سوق الكمامات فى مصر، وبدا الإقبال مرتفعاً على شرائها من قِبل الجمهور كوسيلة للوقاية. وسعى التجار والمواقع الإلكترونية المختلفة إلى استغلال الأمر فى التوسع فى الكمامات المعروضة للبيع، ليس فقط من حيث الكم، بل من حيث النوع أيضاً، فظهرت أنواع جديدة، مصنوعة من التريكو والجلد والقماش، وأخرى سواريه للخروج المسائى، ولم ينسَ بعض التجار صناعتها من الجلد لتناسب الحيوانات الأليفة التى يخشى عليها من فيروس كورونا، أو أن تتحول إلى مصدر لنقل العدوى.
طبية وبـ"فلتر".. للأطباء والممرضين.. ويصل سعرها إلى 211 جنيهاً
بعد نفاد الكمامات الطبية من معظم الصيدليات لارتفاع الإقبال عليها، انتشر فى الأسواق نوع من الكمامات أطلق عليه «N95»، تحجب الغبار والأتربة، وتباع الواحدة منها بـ150 جنيهاً، والنوع نفسه، لكنه مزود بفلتر يحجب نحو 95% من جزيئات الهواء، وتباع بـ211 جنيهاً. «النوع ده طبى وسعره مرتفع فى السوق، وهو أعلى فى الحماية التى يقدمها للمستخدم، لأنه يحمى الأنف والفم من استنشاق نحو 95% من جزيئات الهواء، من أتربة ودخان وعوادم مختلفة»، حسب الدكتور محمد عز العرب، أستاذ الباطنة بالمعهد القومى للكبد والأمراض المعدية، مؤكداً أنها مخصّصة أكثر للأطباء والممرضين العاملين فى المستشفيات الطبية أو فى مناطق الحجر الصحى.
ويرى «عز العرب»، أن الوضع الصحى فى مصر مستقر، فلسنا بؤرة لفيروس كورونا، على العكس فمعظم الحالات التى تم اكتشافها هى حالات لأجانب وليسوا مصريين، لافتاً إلى أن نشر هذه الكمامات بين الناس، من شأنه إثارة الذعر بشكل كبير، كذلك لو زاد الإقبال عليها سيؤدى إلى قلة عددها، والعاملون فى المستشفيات هم الأكثر احتياجاً لها لطبيعة عملهم الخطرة: «حتى الكمامات الطبية العادية يجب ألا تُستخدم بشكل مبالغ فيه من قِبل مواطنين أسوياء، لأن الأصل فى استخدامها للمرضى أو للمشتبه فى إصابتهم بفيروس كورونا، أى سبب دون ذلك لن يكون ذا فائدة».
للأطفال.. حجمها متوسط وتناسب أذواق الأمهات
على الرغم من تأكيدات الدكتورة هالة زايد، وزيرة الصحة، من عدم ضرورة ارتداء الأطفال للكمامات، خصوصاً خلال فترة ذهابهم للمدرسة، منوهة بأنها تستخدم فقط فى حال مخالطة المرضى. إلا أن كثيراً من مصانع المستلزمات الطبية، ومحلات مستحضرات التجميل أطلقوا خدمات لبيع كمامات خاصة للأطفال. كذلك على الأسواق الإلكترونية، لدرجة أن بعض الأنواع قلت أعدادها فى السوق بسبب الإقبال الشديد عليها. سيد رضا، مسئول إحدى شركات المنتجات الطبية، فى منطقة كرداسة، أكد أنهم بالفعل يقدمون كمامات للأطفال، بأسعار تتراوح بين 3 و4 جنيهات، على حسب الحجم: «هى كمامات للأطفال والمراهقين، تتميز بأن حجمها متوسط، وهناك نوعان منها، أحدهما بأستيك والآخر برباط، وتم تصميمها خصيصاً للأطفال والمراهقين من سن 10 إلى 15 سنة، لتتناسب مع وجوههم الصغيرة.
قماش.. إنتاج "الغزل والنسيج" والواحدة بـ"3 جنيه"
داخل أحد مصانع الغزل والنسيج، هناك نوع آخر من الكمامات يجرى تصنيعها من القماش لسد احتياجات السوق المحلية، يحكى أحد العاملين بالمصنع، طلب عدم ذكر اسمه، أن الفكرة بدأت تراودهم مع انتشار فيروس كورونا، فقاموا بتنفيذها على الفور منذ شهر، بل وبيعها بسعر 3 جنيهات للمواطنين فى منفذ بيع المصنع: «عندنا مكتب مشتريات وفى شركة بتوزع لنا عادى، وجالنا صفقات من الصين نفسها بتطلبها عن طريق ناس صينيين جم يشوفوها». كمامة بسيطة تناسب الصغير والكبير عبارة عن قماش طبى ملفوف بالشاش والقطن، انتشرت بسرعة البرق بين الناس، فرحوا بانخفاض سعرها دون التدقيق فى الخامات المستخدمة فى تصنيعها، نظراً لخوفهم الشديد من الإصابة بالمرض، لافتاً إلى أن الكمامات الطبية زاد سعرها واختفت من السوق، ما دفعهم للبحث عن نوع جديد فى متناول الجميع.
تريكو.. لبنات الجامعة لزوم الشياكة
إلى جانب الأغراض الطبية لصناعة أنواع مختلفة من الكمامات، كانت هناك تقاليع غريبة فى صُنع تلك الكمامات، كان منها «الكمامة الصوف». تينا هارون، من شبرا الخيمة، لجأت إلى استغلال الحدث من خلال صنع كمامة من خيوط التريكو: «أنا أحب خيوط التريكو والكروشيه، أصبحت بارعة فيهما، وفكرت فى استغلال تلك المهارة لتحويلها إلى مصدر دخل إلى جانب دراستى الجامعية، من خلال متجر إلكترونى، أقدم فيه للجمهور مختلف أنواع المنتجات اليدوية، ومع انتشار فيروس كورونا، حاولت استغلال الحدث تجارياً فى صُنع كمامة من خيوط التريكو». تعرض «تينا» الكمامة بأسعار فى متناول اليد لميزانية الفتيات.
للحيوانات.. جلد وسلك.. وقماش "ووتر بروف"
حتى الحيوانات أيضاً ظهر لها خط إنتاج من الكمامات لوقايتها من فيروس كورونا، وحتى لا تكون مصدراً لنقل العدوى، وكانت الكلاب هى أكثر الحيوانات التى توفرت لها كمامات فى السوق.
عادل منصور، صاحب ورشة لصناعة إكسسوارات الكلاب فى منطقة الزاوية الحمراء، أكد أنهم بالفعل يصنعون أنواعاً مختلفة من الكمامات، فهناك الجلد، وهناك الـ«ووتر بروف»، وهناك السلك، وأسعارها تبدأ من 35 جنيهاً، وتصل إلى 70 جنيهاً، وهناك واحدة أكبر فى الحجم يصل سعرها إلى 175 جنيهاً: «لأن الحيوانات تصاب بالفيروسات والأمراض، فالكمامات وسائل تستخدم فى حمايتها من قديم الأزل، حتى لو لم يكن هناك أمراض، فالكلاب من خلال تلك الكمامات يتم منعها من تناول أى شىء فى الأرض خلال عملية التجول، بالإضافة إلى الأسباب الاستثنائية الأخرى مثل أن الكلب يسبب إزعاجاً للجيران بنباحه العالى».
هناك نوع مختلف من الكمامات حسب «عادل»، وهو الذى يستخدم خلال العمليات الجراحية للكلاب، وتكون مصنوعة من الـ«ووتر بروف»: «تحمى الأطباء والكلاب فى نفس الوقت من أى عدوى محتملة.
سواريه.. معمولة من قماش دانتيل وفصوص لولى لأصحاب الذوق الرفيع
كمامة بيضاء متوسطة الحجم، صُممت خصيصاً للنساء، مزينة بنقوش جميلة، مصنوعة بأنامل مصمم الأزياء المصرى سامو هجرس، الذى عرضها مع فستان زفاف أبيض فضفاض، دون أكتاف، مزود بحزام رفيع، تحت شعار «الموضة فى زمن الكورونا».
كواليس تصميم «كمامة الزفاف» أو «الكمامة السواريه»، يرويها «هجرس»، لـ«الوطن»، قائلاً إن الفكرة اقترحها عليه شقيقه: «الناس بقت خايفة، خصوصاً فى التجمعات الكبيرة زى الأفراح، فممكن العروسة والمعازيم يلبسوها علشان يطمنوا»، ليعجب بما سمعه، عاكفاً على تصميمها وتنفيذها سريعاً، ليعرضها للجمهور خلال جلسة تصوير، بطلتها الموديل السمراء تالى دينيس، المتجملة بفستان زفاف وكمامة لامعة.
3 ساعات متواصلة، استغرقها «هجرس» فى تنفيذ الفكرة، مستهلكاً قماشاً بقياس 12×12 سنتيمتراً مربعاً، للكمامة الواحدة، التى زينها بفصوص «اللولى»: «علشان هو موضة ما بتبطلش أبداً»، مع استعمال قماش «دانتيل» الذى زاد الإطلالة نعومة وانسيابية.
طلبات عدة تلقاها «سامو» لتصميم «كمامات سواريه» بألوان متنوعة: «اتفاجئت إن ناس كتير عايزانى أصممها ليهم، علشان تليق على لبس عندهم، مش هيشتروا حاجة منى»، لافتاً إلى إمكانية صناعته لتلك الأقنعة الوقائية المتماشية مع الموضة، دون تقديم فستان أو أزياء معه: «معنديش مشكلة أصمم كمامات تليق على الملابس الكاجوال كمان»، على أن تبدأ الأسعار من ألف ونصف.
تعليقات الفيسبوك