جحيم من نوع خاص، عاشته سيدة بريطانية، حين فقدت عمرا كاملا من ذكرياتها، وأصبحت لا تعرف شيئا عن عائلتها، ونست تماما أن لديها ثلاثة أولاد.
"استيقظت ولم أتعرف على أطفالي أو أتذكر شيئا عن حياتي".. بتلك الكلمات بدأت ماري سيلسزيرشيك، والتي تعيش بمدينة "هال" البريطانية، صاحبة الـ58 عاما، الحديث عن معاناتها، لصحيفة "ذا صن" البريطانية، إذ أن الأمر بدأ منذ كان عمرها 36 عاما، عندما أصيبت بنزيف مفاجئ بالمخ جعلها تنهار وتفقد الوعي، وتم نقلها إلى المستشفى في غيبوبة تامة، وعندما استقيظت بعد ثلاثة أشهر، لم تدرك أين هي أو من هم عائلتها.
أصيبت "ماري"، التي تعمل بمجال رعاية الأطفال، بنوبة صداع نصفي شديدة لتنهار بعدها، واستغرق الأمر من الأطباء عدة أيام لمعرفة سبب فقدانها الوعي، وتم عمل ثقوب بالفقرات القطنية بالظهر، واعتقدوا أنها مصابة بفيروس ما، واضطروا لوضعها في غيبوبة مستحثة لبعض الوقت، قبل أن تخضع لعملية جراحية بالمخ بعد انفجار أحد الأوعية بالدماغ.
وبعد استيقاظ السيدة البريطانية من الغيبوبة بدت وكأنها تتعافى بشكل جيد، ولكن مالم يدركه أبناؤها، أنها كانت تعيش في جحيمها الشخصي، إذ نسيت تمامًا أكثر من نصف حياتها، ولم تعد قادرة على التعرف على أي شخص من حولها، فيما يعرف باسم عمى الوجه أو "البروبوسانيا"، وظنت أنها مازالت فتاة تعيش مع والديها، ونست تماما زواجها وطلاقها وأولادها الثلاثة.
وما تزال ذكرياتها عن الأشهر الثلاثة التي قضتها في المستشفى ضبابية حتى الآن، واعتقدت أنها ربما نجت من حرب ما إذ تتذكر ملاجئ قديمة للقنابل وأسلحة، واستغرق الأمر بعض الوقت لتستوعب السيدة البريطانية ما حدث لها، وكانت إحدى أكثر اللحظات صدمة عندما عادت أخيرًا إلى منزلها وأخبرتها أسرتها أن والداها قد ماتا في الحقيقة قبل سنوات.
وقالت "ماري"، إنها نظرت إلى نفسها في المرآة فوجدت نفسها أكبر سنا ولم تفهم كيف حدث ذلك، وخلال سبعة أعوام، حاولت استعادة ذكرياتها القديمة إما بالجوابات أو الصور أو من حديث أبنائها عن حياتها، وانتقلت أختها معها لمساعدتها في رعاية أطفالها الذين ترواحت أعمارهم بين الثامنة والثانية عشر.
ولا تزال السيدة البريطانية، تكافح لتذكر السنوات السابقة بعد انهيارها، وبسبب مرضها فهي لا تستطيع التعرف على أي شخص، بما في ذلك عائلتها، وكان من أكثر المواقف حزنا بالنسبة لها عندما طلبت الحضانة منها المجئ لاصطحاب ابنتها الصغيرة، ولم تكن تعرفها، حيث كل ما تذكرته هو ارتداء ابنتها لثوب أحمر، وعندما ذهبت إلى الحضانة وجدت فتاة ترتدي فستانا أحمر وعندما همت باصطحابها، جاءت ابنتها، وتداركت "ماري" الأمر على الفور إلا أنها شعرت بالخوف بسبب إقدامها على اصطحاب طفلة أخرى لمنزلها.
وأوضحت "سارة باتي"، أستاذ علم النفس بجامعة بورنموث، أن الناس يتعاملون بشكل نسبي مع العمى الوجهي، وقد يكون من الصعب تحديد شخص يستخدم تصفيفة شعره أو ملابسه عندما يتم مواجهته خارج السياق، وهذا يمكن أن يسبب الإحراج أو القلق الاجتماعي للمصاب، المشكلة تكمن في التمييز بين الوجوه المختلفة، فلا يستطيع المصابون رؤية الفروق الصغيرة بين الأشخاص، لذا فإن كل الوجوه تبدو مشابهة لهم.
تعليقات الفيسبوك