لم تكن العلاقة التي جمعت بينهما بالبسيطة والسهلة، بل شهدت العديد من الأزمات والعقبات، بدأت باعتراض أهلها على خطبته، ثم اصطدامهما بعد الزواج بعدم قدرتها على الإنجاب، وحتى فقده في حرب اليمن، لتصبح قصة حب "نادية وعبدالحميد"، أشبه بحلقات مسلسل تلفزيوني.
رفضت الزوجة "نادية فوده"، أن تصدق أن زوجها المقاتل "عبدالحميد علي"، المفقود في حرب اليمن، سقط شهيدا، لتظل مؤمنة بعودته، وتنتظره لأعوام، رغم تأكيد العديد لها بوفاته ودفعهم لها بالزواج من غيره، لكن حدسها كان صادقا بعودته ليشكلا من جديد أسرة قوية في مواجهة المحن.
قصة حب قوية بدأت بين نادية فوده، وعبدالحميد علي، فور رؤيته لها بمحض المصادفة أثناء زيارته لأبناء عمومته، بمدينة طنطا في الغربية، بالستينيات، ليسارع إلى خطبتها من عائلتها الارستقراطية، ولكنه قوبل بالرفض لصغر سنها، حيث لم تكن تجاوزت بعد السادسة عشر من عمرها، إلا أنه لم يكل من تكرار طلبه بالعام التالي لينجح في النهاية بالفعل من الزواج بها.
سعادة كبيرة بدأها الثنائي بمجرد زواجهما لكنها كانت لفترة وجيزة، حيث اصطدما بعدم قدرة "نادية" على الإنجاب، ليخوضا رحلة بحثا عن العلاج في مختلف المحافظات، ليتحول الأمر لحزن ورجاء بأن يرزقا بطفل يزيد من ارتباطهما، حيث تقول السيدة الثمانينية: "الدنيا كلها أسودت في عيني سنين وبقيت بقضيهم في عياط وزعل ومسبناش دكتور ولا شيخ، كل ده غير زن أهله أنه يتجوز تاني لأنه الولد الوحيد".
لم تقتصر محنة نادية وعبدالحميد، عند ذلك الحد، حيث إنه في أثناء ذلك، شارك الزوج في حرب اليمن لعدة أشهر، قبل أن تنقطع أخباره تماما ويعتقد الجميع سقوطه شهيدا من أجل الأرض، لتصبح الزوجة وحيدة، قائلة: "كانت أصعب مرحلة في حياتي، مكنتش عارفه هو عايش ولا ميت ولا هو فين، أو حتى أعمل أيه.. وقتها أهلي كانوا عايزين يجوزوني أنا بقى المرة دي".
إحساس دفين بكونه على قيد الحياة، كان ينبض بقلبها دون سبب، لتقضي ما يقرب من عامين على ذلك الأمل، ليعود لها بالفعل بعد أن تبين أسره في اليمن ليعود للقاهرة ويعمل بشركة المحلة للغزل والنسيج التي تولى إدارة وحدة المخازن بها، بينما مازال بداخله أمل كبير في الإنجاب.
وفاة مبكرة لعبدالحميد.. ونادية ترفض الزواج بعده
5 أعوام قضتها ابنة طنطا أملا في الإنجاب، ليحقق الله تعالى أمنيتها وترزق بالفعل في 1967، بنجلتها الأولى، ليعود الفرح من جديد لبيتها الصغير، وبعد 5 أعوام أخرى ترزق بنجلتها الثانية، بينما تعالت أصوات أسرة زوجها لتزويجه مرة أخرى من أجل "الولد"، ليتجاهلهم ويستمر مع رفيقة دربه.
بعد تلك المحن الصعبة التي خاضها الزوجان، رُزقا بـ5 أبناء، "فجأة ربنا بدل الحال من عنده بدون أي تدخل ومستوانا المادي اتحسن"، ليقضوا عدة أعوام معا في سعادة وحب كسر الصعاب والخلافات "كان دايما حنين عليا والأولاد ومش بيحب المشاكل"، لكنه فجأة أيضا تركها وودع الحياة، بينما كانت في الأربعينيات من عمرها، بعد زواج دام لـ23 عاما.
30 عاما، قضتهم "نادية" بمفردها، تقوم بتربية أبناء "عبدالحميد" والمكافحة من أجلهم "علشان يكون مبسوط بيهم في تربته، منهم اللي بقى دكتور والمهندس والبنات اتجوزوا"، وفقا لقولها، بينما رفضت الزواج من غيره وسعت لتزويج أبنائها على أكمل وجه، مضيفة: "في كل مناسبة بروح أزور قبره وعلى طول فاكراه رغم أني معنديش صور كتير ليه".
تعليقات الفيسبوك