بملامح جادة لا تعرف للمزاح طريقًا، تقف "أم كلثوم" على خشبة المسرح بوقار لا يتخلله شيء، ممسكة بمنديلها الحريري، ليبدأ انسجامها مع الموسيقى، وتتمايل رأسها بخفة معها يمينًا ويسارًا، ويبدأ صوتها تغطية صالة الحضور لمدة ساعتين متواصلتين فأكثر.
45 عامًا مروا، اليوم، على رحيل كوكب الشرق وسيدة الغناء العربي أم كلثوم، التي عُرف عنها مدى صلابة شخصيتها، وجديتها في مواقف حياتها اليومية المختلفة، سواء داخل أو خارج الوسط الفني.
وبالرغم من شهرتها بهذه الحِدة، التي كانت سببًا في حرص الكثيرين أثناء التعامل معها، إلا أنه كانت هناك بعض المواقف لأم كلثوم التي غيرت تلك الفكرة الرصينة عنها، مثبتة تمتعها بخفة ظل وروح فكاهية.
من بين هذه المواقف، ويكاد يكون أشهرها، هو ما سرده العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ في مقال نادر له عُرف بعنوان "ذكرياتي مع أم كلثوم" ونشرته مجلة الموعد بتاريخ 20 فبراير عام 1975 عقب وفاة كوكب الشرق، والذي كشف خلاله تفاصيل اعتذاره لأم كلثوم في منزلها عما بدر منه من إساءة لها في إحدى حفلات أعياد الثورة بحضور الرئيس الراحل جمال عبد الناصر.
بدأت الأزمة الشهيرة عندما طلب العندليب من كوكب الشرق السماح له بالغناء بين الوصلتين الغنائيتين اللتين تقدمهما، لكن طلبه قوبل بالرفض، حيث بررت ذلك بأنها متعبة وترغب في الانتهاء سريعًا من الوصلتين لتعود إلى منزلها وتستريح.
وعندما صعد العندليب إلى المسرح، ألقى التحية على الجمهور، وقال جملته الشهيرة: "لقد شرفتني السيدة أم كلثوم بأن أختتم حفلًا غنّت فيه، وفي الحقيقة أنّ ما حدث يُعتبر مقلبًا بالنسبة لي"، وهو ما أثار غضب أم كلثوم بشدة، ليذهب "عبد الحليم" بعد ذلك إلى منزلها ويقدم اعتذاره لها، فعاتبته سيدة الغناء قائلة: "لم يكن من اللائق أن تقول مثل هذه الكلمة أمام ميكروفونات الإذاعة وكاميرات التليفزيون"، ليرد عليها: "أنا مثل شقيقك الصغير"، لتمازحه أم كلثوم: "اخرس أنت فاكر نفسك صغير.. أنت عجوز".
تعليقات الفيسبوك