برطمان زجاجي لا يتعدى طوله 20 سنتيمترا، يحوي، رغم عدم امتلائه عن آخره، نفايات عام كامل، تنوعت بين شرائط دواء وأوراق اللاصقات الطبية، وهي الأشياء التي لم تستطع أن تجد لها "منة الله" بديلا أو تمتنع عن استخدامها في رحلة بدأتها منذ سنوات، لتقليل مخلفاتها لتصبح مجملها لمدة عام كامل لا تكمل "برطمان"، تحاول بذلك أن تحافظ على بيئتها، تنفيذا لمبدأها الخاص "الإحسان للأرض ومواردها".
منة الله حسن، 20 عام، شغلها التفكير في مصير المخلفات، وخصوصا تلك التي لا يعاد تدويرها مثل البلاستيك أحادي الاستخدام، حتى تعرفت في عام 2015 على طريقة حياة "بيا جونسون" في تطبيق مبدأ "حياة بلا هدر"، أثنا تصفحها لكتابها، لكنها لم تعِ في البداية أن لعام كامل استوعب برطمان واحد النفايات الخاصة بأسرة مكونة من 4 أفراد، هي عائلة "بِيا"، لكنها انتوت المحاولة، خاصة بعد أن تعمقت في القراءة عن خطورة النفايات على الكوكب.
منة الله: تبرعت بنصف ملابسي واحتفظت بما أحتاج ورفضت الشراء إلا للضرورة
"في البداية مقدرتش أعمل زيها لكن عزمت أن ده هدفي للعام الجديد"، قرار اتخذته "منة الله" في نهاية عام 2018، لتبدأ البحث عن بدائل للمواد غير القابلة لإعادة التدوير، التي وفقا لوصفها أصبحت تحيط بنا من جميع الجهات، إضافة إلى أن العالم استهلاكي ويشجع على شره الشراء، "أنا كُنت شخص استهلاكي جدًا، ومش بيعيش له فلوس"، لتبدأ في كبح رغباتها نحو التسوق بشكل دائم الذي كان يجعلها تظن أن السعادة في امتلاك كل ما تشتهيه نفسها.
رفض للحقائب البلاستيكية، وماصة السوائل "الشاليمو"، إضافة إلى الامتناع عن شراء المنتجات ذات التغليف والتعبئة غير الصديقة للبيئة، هي بعض الأفكار التي استعانت بها منة الله، في طريقها نحو تقليل النفايات، وقررت ترك الدراسة بأحد الكليات ذات الطابع الفني، لتلتحق بكلية دار العلوم لتدرس اللغة العربية، "في الكلية القديمة كان المشاريع زي التماثيل والحاجات دي لازم أسلمها في أكياس بلاستيك، وأنا كنت رافضة تماما، وكنت بنقص درجات في كل مرة أعمل كدة"، بحسب روايتها لـ"الوطن".
استبدال المناديل بقطع قماشية، ونسج حقائب المكرمية لاستخدامها الشخصي وفي الأسواق، واستخدام سواك للأسنان، وإعادة استخدام العلب الزجاجية والبلاستيكية في شراء الألبان واللحوم، وأيضا كبديل زجاجات المياه البلاستيكية عند خروجها، والاستغناء عن الهايبر الماركت ومحلات مستحضرات التجميل ليحل بائعي الخضار والعطار محله، كما تبرعت بنصف ملابسها، وابقت ما تحتاجه فقط، لتجمع بذلك الطالبة بكلية دار العلوم بين مبدأ الحياة بلا هدر" ومبدأ "البساطة"، حتى أصبحت تحتاج في أسفارها إلى حقيبة فقط، "بقت حياتي بسيطة أكتر وممتلكاتي أقل ومعدل الاستهلاك قل، وحسيت بحرية وسعادة كنت مفتقداها طول حياتي".
مخلفات الأدوية وبعض القطع البلاستيكية الصغيرة الملصقة بالبرطمانات الزجاجية، هي أغلب ما يشكل نفايات عام 2019 لـ"منة"، فلم تستطع أن تستغني عن بعض العلاجات الأساسية، بالإضافة إلى المخلفات العضوية التي تشمل بقايا الطعام، فحاولت منة الله أن تحولها إلى سماد وبين تجارب فشلت وأخرى تحاول تطبيقها تتمنى منة الله، المقيمة بالجيزة، أن تكون جزءً من صناعة التغيير "فرحت جدا لما صديقتي وزوجها اتأثروا وبدأوا يطبقوا تجربتي في حياتهم.
تعليقات الفيسبوك