على الرغم من قدرة العلم على دراسة وفهم الجسم البشري ووظائفه بشكل ناجح وفعال، إلا أنه مازال هناك العديد من الخصائص والقدرات التي تثير إعجاب وحيرة العلماء والأطباء، ومن هذه العجائب الجسدية البشرية هناك عدد من القدرات المذهلة والغريبة للجهاز البصري للإنسان، الذي يعمل بطريقة دقيقة للتكيف مع البيئة المحيطة بالإنسان، وحماية العقل والجهاز العصبي من الآثار السلبية المحتملة لبعض المؤثرات البصرية الخارجية، كما اتضح في هذه القدرات التي كشفت عنها الدراسات العلمية مؤخراً، والتي نشرها موقع "List Verse" الإلكتروني.

1- رؤية الأشعة تحت الحمراء
تنص كتب العلوم في جميع المدراس والجامعات على أن قدرة العين البشرية على الرؤية مقيدة بحدود معينة للطول الموجي للأشعة (Wave length)، وهذا معناه أنه بينما يمكننا رؤية ألوان الطيف بجميع درجاتها، فإنه يوجد أنواع معينة من الموجات، مثل موجات الراديو والمايكروويف والأشعة تحت الحمراء والأشعة فوق البنفسجية، التي لا يمكننا رؤيتها بالعين المجردة مهما حاولنا.
إلا أن فريقاً من العلماء أجرى تجربة للتأكد من ندى صحة هذه القاعدة، وذلك بعد أن أبلغ عدد من الباحثين الذين كانوا يعملون لفترات طويلة في مختبرات تتضمن استعمال موجات قوية ومستمرة من الأشعة تحت الحمراء أنهم بدأوا بلون لمعان أخضر خاطف عند تشغيل أجهزة الأشعة، التي يفترض أنها غير مرئية.
التجربة التي تضمنت تعريض الخلايا البصرية في مناطق مختلفة من عيون البشر والفشران لنبضات قوية سريعة ومتعاقبة من الأشعة تحت الحمراء، وكانت النتيجة أن العين البشرية بالذات أبدت تغيرات واضحة نتيجة التعرض للأشعة، تمثلت في حدوث عملية مد أو إطالة لخلايا الشبكية، بطريقة جعلت الجهاز البصري قادر على التقاط الأشعة تحت الحمراء بشكل فعلي.

2- رؤية التقويم الشهري بشكل افتراضي
هناك 1% تقريباً من البشر يمكنهم رؤية روزنامة التقويم الشهري، المعروفة باسم النتيجة، معروضة بشكل فعلي أمامهم، كمربع أو دائرة كبيرة طافية في الهواء، بطريقة مشابهة لتقنية الواقع المعزز (Augmented reality)
هذه القدرة أو الخاصية تسمى "التصاحب الحسي التقويمي" أو (Calender Synaesthesia)، وهو نوع من أنواع التصاحب الحسي أو الحس المرافق، الذي يمكن تعريفه بأنه قدرة الجهاز العصبي على تعديل المتقبلات الحسبة، بحيث يصبح الإنسان قادراً على استخدام قدرات حاسة معينة مع مستقبلات موجهة لحاسة أخرى، وخير مثال على هذا هو قدرة بعض الأشخاص على رؤية الأصوات أو سماع الألوان.

3- العمى الجزئي المستحث بالحركة
هذه العملية المثيرة للإعجاب يمارسها جهازنا العصبي بشكل مستمر طوال حياتنا، إلا أننا لا نلاحظ ذلك، ويمكن تعريف (Motion-Induced Blindness) بأنها قيام الجهاز العصبي بالتكيف مع الأشياء المتحركة، خاصة تلك المتحركة بشكل سريع، عن طريق مسح الأثر الذي تتركه هذه الأشياء المتحركة ورائها في مجال رؤية الإنسان.
العين البشرية شبيهة بكاميرا بطيئة، أي أن قدرتها على رؤية الحركة محدودة بعدد معين من اللقطات لكل ثانية، وهذا كان ليمثل مشكلة ضخمة للبشر عند النظر على الأشياء سريعة الحركة، سواء طباعية أو مصنوعة، لأن الحركة السريعة كانت ستترك ورائها خطوطاً بطول أو بعرض الجسم المتحرك، بحسب اتجاه حركته، بسبب عدم قدرة العين على مواكبة التغير في مكان الجسم المتحرك بشكل لحظي.
عملية العمى الجزئي المستحث بالحركة تقوم بإزالة تلك الخطوط الناتجة عن الحركة السريعة في البيئة المرئية حولنا، لكن ذلك يأتي على حساب أشياء أخرى في نفس المشهد، وهي الأشياء الثابتة، فلو نظر إنسان مثلاً إلى سيارة تمشي بسرعة كبيرة، فإنه لن يرى خطوطاً وراء السيارة، لكن بعض الأشياء الثابتة الموجودة قرب مجال السيارة، مثل سلة قمامة أو حنفية حريق، ستختفي لأجزاء من الثانية، كنتيجة لعملية إزالة الخطوط التي كانت ستنتج عن الحركة السريعة للسيارة.

4- الرؤية تحت الماء بوضوح
يتميز الأطفال في شعب الموكين، الذي يسكن مجموعة من الجزر قرب سواحل تايلاند في بحر أندامان بجنوب شرق آسيا، بقدرة نادرة على الرؤية تحت سطح البحر، بطريقة شديدة الوضوح والنقاء، كما لو كانوا ينظرون إلى الأسماك والقواقع في الهواء العادي.
الغريب أن الأطفال يفقدون هذه القدرة عندما يكبرون، فالكبار في هذه القبيلة لا يمكنهم الرؤية تحت الماء بنفس الكفاءة، ويتعرضون لمتاعب شديدة في العينين، وعندما فحص العلماء الأوروبيون عيون الأطفال والكبار من الموكين، وجدوا أن بؤبؤ العين لدى الصغار (الدائرة السوداء داخل الحدقة) يمكنه تعديل حجمه بطريقة لا يمكن لغيرهم من الكبار فعلها.

5- رؤية 10 ملايين درجة من الألوان
يمكن للعين البشرية أن تفرق بين مليون درجة مختلفة من درجات الألوان، وهذه القدرة غير مرهونة بالألوان فقط، فالأشخاص المصابين بعمى الألوان الكامل يمكنهم التمييز بين أكثر من 100 ألف درجة مختلفة من طيف الأبيض والأسود، لكن هذه الأرقام الضخمة تتضاءل بجانب قدرة بعض البشر على رؤية 10 اضعاف عدد درجات الألوان التي يراها البشر الطبيعيين.
يتميز هؤلاء الأشخاص بامتلاكهم خلايا مخروطية (Cone cells) من نوع رابع زائد، يختلف عن الأنواع الثلاث التي يمتلكها باقي الناس، وقد اهتم العلماء كثيراً بهذه القدرة الغريبة، التي يسميها البعض بالنظر الخارق، حتى أن العلماء في بريطانيا استمروا في دراسة حالة امرأة إنجليزية لأكثر من 25 عاماً (أكثر من ربع قرن)، وتقدر نسبة البشر الذين يمتلكون هذه القدرة الخارقة بحوالي 12% من السكان، لكن العلماء يعتقدون أن قلة المناظر الطبيعية وانتشار الشاشات الحديثة والحياة داخل المساحات المغلقة في المدن ربما تكون قد تسببت في اضمحلال النظر الخارق لدى بعض هؤلاء الأشخاص.
تعليقات الفيسبوك