لقطة لجنود من الحرب العالمية الأولى
حشد من الجنود في عربة قطار واحدة، أسلحة وقنابل كبيرة الحجم ينقلها عشرات الأشخاص بعربات مكشوفة، مواطنون يلتفون حول الملصقات الإعلانية أو الراديو، أناس يهرولون للاختباء بالخنادق قبل حدوث الغارات، مواجهات وحروب مباشرة بين القوات العسكرية.. تلك مشاهد ارتبطت بالأذهان على مر العصور حول الحروب قديما خاصة الحربين العالميتين الأولى والثانية، والتي استرجعها البعض حاليا تزامنا مع الحديث المتكرر حول احتمالية وقوع الحرب العالمية الثالثة؛ إثر احتدام الأزمة الإيرانية الأمريكية على خلفية مقتل قاسم سليماني، قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني فجر الجمعة.
الحرب العالمية الثالثة.. حديث الساعة بالعالم
التلميح بوقوع الحرب العالمية الثالثة، أمر تصدر جميع محركات البحث ومواقع التواصل الاجتماعي فضلا عن كونه حديث الساعة بالعالم؛ لينقسم المحللون والكتاب وخبراء السياسة بين أن ثمة بوادر لـ"حرب عالمية ثالثة" تلوح في الأفق، وآخرون اعتبروا ذلك الأمر صعبا لاختلاف سياقات العلاقات الدولية الحالية عن التي كانت موجودة من قبل في عهد الحربين العالميتين الأولى والثانية، إضافة إلى وجود أدوات غير تقليدية لفض الاشتباكات والمعارك بعيدًا عن الحروب بالمعنى المعروف.
وفي ظل الحديث المستمر حول إمكانية اندلاع "الحرب العالمية الثالثة"، تستعرض "الوطن"، ماذا اختلف مع الوقت والتطور وما لن نراه في زمننا حال وقوعها مقارنة بالأولى التي انتهت منذ ما يقرب من 102 عاما (28 يوليو 1914 – 11 نوفمبر 1918)، أو الثانية قبل 75 عاما (1 سبتمبر 1939 - 2 سبتمبر 1945).
من الراديو لـ "تويتر".. وسائل الاتصال الأولى اختفت
"سليماني كان مسؤولا عن مقتل عدد كبير من المتظاهرين في إيران، كان يجب أن يُقتل قبل أعوام كثيرة".. هكذا تواصل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مع العالم عبر حسابه الرسمي على تويتر، بتغريدة وصلت لملايين الأشخاص في أقل من ثانية، ذلك الأمر الذي يظهر بقوة الثورة التكنولوجية الهائلة التي تفوقت على وسائل الاتصال الأولى والتي بعضها لم يعد موجودا وأخرى لم تعد تستخدم بنفس كفاءتها.
وبالرجوع للحرب العالمية الأولى، نجد أن المواطنين بجميع الدول كانوا يعلمون بالأخبار عن طريق الملصقات الإعلانية بالشوارع أو الطبعات الورقية، فضلا عن المنشورات التي كانت تلقى على بعض البلدان قبل اقتحماها حتى يستسلم أهلها، بحسب ما قاله الدكتور محمد عفيفي، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بكلية الآداب جامعة القاهرة، خلال حديثه مع "الوطن"، مشيرا إلى أن ذلك لم يعد موجودا في ظل الكتائب الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي التي ينشر عليها شيء في لحظة.

أما بالنسبة للحرب العالمية الثانية، كانت وسيلة الإعلام الكبرى هي "الراديو" خاصة إذاعتي برلين وهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، بحسب "عفيفي"، مقارنا الوضع: "هتلر كان بيوصل للناس من الراديو لكن ترامب دلوقتي وصل للعالم من تويتر".

نهاية عصر الخنادق وإطفاء الأنوار
فصل آخر لم نعد نراه في يومنا هذا مع التطور الكبير في شكل الأسلحة، فلم يصبح موجود تلك القنابل كبيرة الحجم التي ينقلها العشرات من أجل استخدامها حتى شكل الطائرات وتقنيتها الفنية اختلف فتطورت إلى ما يسمى بـ"المسيرة" تلك التي تعمل بدون طيار.
وشاع وقت الحروب قديما أثناء وقوع الغارات أن يختبئ الأناس بالخنادق والبيوت بجانب إطفاء جميع الأنوار حتى لا يراهم أحد، ذلك الأمر الذي انتهى فالعالم أصبح مكشوف نتيجة التطور التقني وتعدد استخدامات القمر الصناعي، بحسب ما ذكره أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بكلية الآداب جامعة القاهرة، مضيفا: "الناس كانت زمان بتبني قدام بيتها بالطوب عشان تتفادى القنابل" وهذا ما تتطور إذ تستطيع قنبلة صغيرة الحجم تدمير قرية بأكملها.

"عفيفي": نحن في عصر الحروب الإلكترونية
المواجهات المباشرة بين القوات العسكرية أمر صعب رؤيته حاليا، وفقا لـ"عفيفي"، فالدول تحارب بعضها بما هو أخطر تحت مسمي "الحرب الإلكترونية"، والتي عبارة عن مجموعة الإجراءات التي تنفذ بهدف الاستطلاع الإلكتروني للنظم والوسائل الإلكترونية المعادية، وإخلال عمل هذه النظم.

الإبادة الجماعية بسبب الإنفلونزا في الحرب العالمية الأولى
وبينما كان يفيق العالم من آثار الحرب العالمية الأولى، ظهر وباء "الأنفلونزا الإسبانية"، الذي أصاب العالم عام 1918 وتسبب في وفاة ملايين الشبان بريعان شبابهم، ووقتها حاولت القوات الأمريكية في أوروبا التعامل مع ذلك المرض؛ إذ ظهرت آثار الإنفلونزا بشكل مذهل على متن السفن الحاملة للجنود الأمريكيين عبر المحيط الأطلسي، بحسب ما جاء في كتاب "سلسلة الحياة اليومية عبر التاريخ، الحرب العالمية الأولى"، تأليف نيل هايمان.

معدل الوفيات الكبير بسبب "الإنفلونزا" أمر لم نشهده حاليا، والسبب والفضل هو التطور الطبي المذهل خاصة مع اختراع "البنسلين" من قبل البريطاني ألكسندر فليمنج.
تعليقات الفيسبوك