في ظاهرة فلكية فريدة، تشهدها محافظتا الأقصر والفيوم، اليوم، تشرق أشعة الشمس على المحور الرئيسي، لمعابد الكرنك بالأقصر، وقدس أقداس معبد قصر قارون بالفيوم، "يوم الانقلاب الشتوي"، الذي يعد إيذانا ببدء فصل الشتاء في نصف الكرة الشمالي، وتحدث تلك الظاهرة، بشكل سنوي على مدار يومي 21 و 22 ديسمبر من كل عام.
وسيتمكن زائرو الكرنك، في حوالي الساعة السادسة و30 دقيقة، من رؤية قرص الشمس، وهو يتوسط البوابة الشرقية، والتي تقع على المحور الرئيسي له، والذي يمثل أقصى الجنوب الشرقي للأفق، الذي تشرق منه الشمس، ويحدد فلكيا بيوم الإنقلاب الشتوي، وعقب ذلك ستكون الشمس عمودية على الأماكن المقدسة بالكرنك (الفناء المفتوح، صالة الأعمدة، وقدس أقداس الإله آمون)، وتنتشر بداخلها عند منتصف النهار.
وظاهرة تعامد وشروق أشعة الشمس على المعابد المصرية، تؤكد دراية القدماء المصريين بالحركة الظاهرية للشمس حول الأرض، حيث كانوا يشيدون المعابد مواجهة للشمس، لتسجيل ظاهرة فلكية أو حدث يسجل مولد للإله، أو لتسجيل أحداث فلكية، كما في معبد أبو سمبل الكبير بأسوان، والذي يتزامن فيه التعامد ببدء فصلي الزراعة والحصاد.

ورصدت تلك الظاهرة الفلكية للمرة الأولى، عام 2012، بتعامد الشمس على قدس أقداس الإله آمون، في ذكرى يوم ميلاده، بالتزامن مع بداية الانقلاب الشتوي، والتي تثبت دراية الفراعنة القوية، بعلم الفلك وحركة الشمس والقمر.
ووفقا لموقع وزارتي السياحة والآثار، فإن معبد الكرنك، هو أكبر وأفخم معابد مصر القديمة، ويعتبر أكبر دار عبادة في العالم، وترجع شهرته إلى كونه مجمع معابد، استمر بناؤه نحو 1500 عام، منذ عهد الأسرة الـ11، وحتى بداية العصر الروماني في الأقصر، عندما كانت طيبة مركزا للديانة المصرية.

تعاقب على تشييده وتطويره، بغربي طيبة إلى الشمال من معبد الأقصر، بنحو 3 كيلو مترات، عدة ملوك فراعنة، بينهم "توت عنخ آمون، حور محب، سيتي الأول، ورمسيس الثاني"، وتحولت معابد الكرنك إلى دليل كامل، وتشكيلة تظهر مراحل تطور الفنّ المصري القديم والهندسة المعمارية الفرعونية المميزة.
سُمي بهذا الاسم بعد الفتح الإسلامي لمصر، نسبة للكلمة العربية "الكرنك"، التي تعني "القرية المحصنة"، ويضم الطريق المؤدي لمجمع المعابد على "طريق الكباش"، الذي تتراص به على الجانبين تماثيل لحيوان "الكبش"، الذي يرمز للقوة لدى الفراعنة.

شُيد المعبد ليكون "ثالوث طيبة المقدس"، الذي يجمع "الإله آمون، وزوجته موت، وابنهما الإله خون سو"، لكنه أصبح فيما بعد المعبد الرئيسي لآمون، الذي بدأه الفرعون "ستي الأول"، وأتمه رمسيس الثاني، وأطلق عليه المصريون القدماء اسم "إبت سوت" الذي يعني "البقعة المختارة لعروش آمون"، حيث كرس لعبادة الإله آمون رأس ثالوث طيبة المقدس مع موت وخونسو.
يتكون من مجموعة معابد وعناصر معمارية شيدها ملوك مصر القديمة بداية من عصر الدولة الوسطى حتى العصر البطلمي، ويحيط به سور ضخم من الطوب اللبن، ويتقدمه مرفأ جهة الغرب، ويضم معبدين صغيرين؛ كرس الأول للإله خونسو ويرجع إلى عهد الأسرة الثامنة عشرة، بينما كرس الثاني لعبادة الإله آمون ويرجع لعصر رمسيس الثالث.

كما يبدأ المعبد بصرح ثم فناء فيه عدة تماثيل للإلهة "سخمت" التي تصور على هيئة سيدة برأس لبؤة وهي صورة من صور الإلهة موت، ثم فناء آخر لأعمدة ثم صالة الأساطين يليها قدس الأقداس، يحيط به سور من الطوب اللبن على هيئة مستطيل طوله 550 مترا، وعرضه 480 مترا، وسمكه 12 مترا، يكتنفه 8 بوابات.
ويوجد به "البحيرة المقدسة"، التي كان الفراعنة يقيمون حولها الاحتفالات الرسمية، وعمقها 4 أمتار، ويضم العديد من الآثار المهمة، بينها، "طريق الإله، الصرح، المسلات، بهو الأعمدة، قدس الأقداس، معبد آمون رع، وقاعات الملوك".


- يعتبر معبد الكرنك سجلا تاريخيا ضخما، حيث دون على جدرانه العديد من الاحتفالات والكتابات، فضلا عن مختلف فنون البناء والنحت والنقش، وسجل حافل للأحداث التاريخية التي توثق شكل حياة المصريين القدماء.
- يستضيف المعبد الكبير عروض "الصوت والضوء"، الذي يسرد بالأضواء والأصوات باللغات المختلفة، حكايات عن الحضارة الفرعونية القديمة وأشهر ملوكها ويركز على قصة بناء المعبد.
تعليقات الفيسبوك