بمجرد ظهور تمساح أو ثعبان في مناطق سكنية بمصر، يثير هذا الأمر جدلا وقلقا وخوفا بين المواطنين مثلما تسببت الطريشة التي عثر عليها في التجمع الخامس بيوليو الماضي، والتمساح في الشهر الجاري بمدينة 6 أكتوبر، وهو ما ربطه الكثيرون أنه نتيجة اختفاء الكلاب الضالة بعد تسميمها.
وكانت مديرية الطب البيطري، بالتعاون مع الوحدات المحلية بمحافظة الجيزة، شنت حملات مكبرة في أكتوبر الماضي للقضاء على الكلاب الضالة بكل الميادين والشوارع، من خلال لجان المكافحة من أطباء الصحة العامة بالمرور على جميع الأحياء والمراكز والمدن لفحص الشكاوى الواردة من المواطنين عبر الخط الساخن والبوابة الإلكترونية بمجلس الوزراء، والجهات الحكومية.
وأسفرت الحملات عن القضاء على 2063 كلبا ضالا تثير الذعر للمواطنين، وذلك خلال الشهر الماضي.
من جانبه أكد اللواء أحمد راشد، محافظ الجيزة، ضرورة مكافحة الكلاب الضالة بجميع الأحياء والمراكز والمدن حفاظا على أمن وسلامة المواطنين، ولكثرة الشكاوى التي يجرى تلقيها من المواطنين لزيادة أعداد الكلاب الضالة بالشوارع ما يهدد سلامة المواطنين، إضافة إلى وجود حالات عقر آدمي ببعض المناطق بالمحافظة.
وقال الدكتور أشرف إسماعيل، مدير مديرية الطب البيطري بالمحافظة، إنه بالتنسيق مع أجهزة محافظة الجيزة شنت الإدارات التابعة للمديرية حملات للقضاء على الكلاب الضالة من محيط المدارس حفاظا على سلامة أبنائنا الطلاب خلال الأسبوع الماضي، لافتا إلى أن الحملات التي شنتها الإدارات التابعة للمديرية أسفرت عن مكافحة 302 كلب ضال من خلال اللجان التي تم تشكيلها لمكافحة الكلاب بمحيط المدارس بأحياء الدقي والعجوزة والهرم والعمرانية وشمال ووسط وجنوب الجيزة، مؤكدا أن المديرية تستقبل يوميا شكاوى من المواطنين بشأن مكافحة الكلاب الضالة وما تسببه من ذعر.
وبين "مؤيد ومعارض" لموضوع تسميم الكلاب، تقع عدة مشاجرات بِشأن ظهور هذه الكائنات الضارة في المناطق السكنية حيث يفترض الطرف الثاني أن ظهور هذه الكائنات بسبب قتل الكلاب واختفائها، ويصل الأمر أحيانا بالشماتة بسبب موافقة الطرف الأول على تسميمها.
إبراهيم أحمد (33 عامًا) أحد المعارضين لتسميم الكلاب يوضح لـ "الوطن"، استياءه من ذلك التصرف ويربط ظهور التمساح في 6 أكتوبر بسبب قتل الكلاب: "خلي بقى الناس اللي مش بتحب الكلاب يفرحوا دلوقتي بالتعابين والتماسيح".
بينما ترى مي عبدالرحمن (35 عامًا) أن الأمر لا يتعلق بعدم وجود كلاب، حيث إن من المفترض أن الكلاب بشكل عام ليس من طباعها اصطياد هذه الكائنات (التمساح أو العقرب أو الثعبان) وفقا لوصفها: "يعني والنبي محدش يربط أن مفيش كلاب يبقى في حاجات تانية لا طبعا ملهاش علاقة وبلاش فتي".

هل اختفاء الكلاب يؤدي إلى ظهور كائنات حية؟
شرح الدكتور البيطري أحمد النبراوي، لـ "الوطن"، أن تفسيرات ظهور الكائنات الضارة سواء التمساح أو الثعبان بسبب اختفاء الكلاب بمناطق معينة هو أمر ليس له أي أساس علمي: "ما يقال إن الكلاب اتقتلت في الشارع فالثعابين والتماسيح ملقتش اللي ياكلها فهجمت على المناطق دي غلط طبعا".
وأوضح النبراوي أن التمساح لا يستطيع أن يعيش في جو بارد وتواجده يكون في المناطق الاستوائية وأن ربما يكون سبب ظهوره في 6 أكتوبر هو تربية أحد الأشخاص له وفقد منه، أما الثعابين فطبيعي أن تكون موجودة بالأماكن الصحراوية: "والكلب مش بيصطاد الحاجات دي".
وأشار الطبيب البيطري إلى أن معظم الدول العربية التي لا يوجد بها كلاب لم تشهد ظهور هذه الكائنات الضارة، مؤكدا أن الأمر ليس له علاقة بالكلاب.
لماذا يُقال إن اختفاء الكلاب سبب في انتشار الكائنات الحية؟
نوه النبراوي بأن معظم الذين ينشرون هذه الشائعات بأن اختفاء الكلاب السبب في ظهور كائنات غريبة في مناطق سكنية يكون الأمر من أجل "الاستعطاف" بحسب وصفه: "عشان الناس بتتعاطف مع تسميم الكلاب فبيقولوا كده عشان محدش يسممهم".
وعلى جانب آخر، أشار الدكتور سامي طه نقيب البيطريين السابق لـ "الوطن"، إلى أن تواجد الكلاب الشرسة "الصحراوية" مهم للحفاظ على التوازن البيئي، في التعامل مع الثعالب والثعابين وغيرها من الحيوانات الضارة، وغالبًا لا يشاهدها العامة حيث إنه خط دفاع.
وأوضح أيضا أن الكلاب "البلدي" أكثر الحيوانات التي تحمل فيروسا ضارا وقاتلا للبشر أكثر من الكلاب الشرسة، وهو فيروس "السعار" الذي يسبب وفاة ما لا يقل عن 200 شخص سنويًا، وفقًا لبيانات وزارة الصحة المصرية، وأن الخطر يكمن في أن هذا الفيروس يتواجد في لعاب الكلاب لمدة 10 أيام قبل ظهور الأعراض على الحيوان، لذلك عند التعرض لخدش أو عضة فيجب التوجه لأقرب مركز صحي للحصول على التطعيم فورًا.
وحذر "طه"، في الوقت ذاته، من تربية التماسيح لخطورتها كونها زواحف مفترسة، مطالبا إدارة المركزية لحدائق الحيوان وحماية الحياة برية بألا تسمح بذلك ومنعه تماما لأن هناك العديد من يعملون على تربية التماسيح.
تعليقات الفيسبوك