تعود أول قصة تنمر في التاريخ، إلى العصر الفرعوني، حيث تعود وقائع الرواية إلى فلاح يدعى "خو أن أمبو"، والذي عرف بلقب "الفلاح الفصيح"، حيث قدم إلى المدينة من وادي النطرون ليبيع الحمير الخاصة به في السوق.
ويقول الدكتور بسام الشماع، الباحث في علم المصريات، إن "خون أن أمبو"، فوجئ برجل في طريقه ظل يتنمر عليه بالألفاظ، ويضربه ويسبه، وسطا على الحمير، إلا أن الفلاح لم يسكت على حقه، ووقف أمام منزل الرجل الذي تنمر عليه وسرقه.
وكان نص أول شكوى للفلاح: "يا مدير البيت العظيم، يا سيدي، يا أعظم العظماء، يا حاكمًا على ما قد فني وما لم يفن، وإذا ذهبت إلى بحر العدل وسحت عليه في نسيم رخاء، فإن الهواء لن يمزِّق قِلْعك، وقاربك لن يتباطأ، ولن يحدث لصاريك أي ضرر، ومرساك لن تُكسَر، ولن يغوص قاربك، حينما ترسو على الأرض، ولن يحملك التيار بعيدًا، ولن تذوق أضرار النهر، ولن ترى وجهًا مُرتاعًا، والسمك القفاز سيأتي إليك، وستصل يدك إلى أسمن طائر، وذلك لأنك أب لليتيم، وزوج للأرملة، وأخ لتلك التي قد نُبذت، ومئزر لذلك الذي لا أم له، دعني أجعل اسمك في هذه الأرض يتفق مع كل قانون عادل، فتكون حاكمًا خِلْوًا من الشره، وشريفًا بعيدًا عن الدنايا، ومهلكًا للكذب، ومشجعًا للعدل، ورجلًا يلبي نداء المستغيث، إني أتكلم، فهل لك أن تسمع؟ أقم العدل أنت يأيها الممدوح الذي يمدح بهؤلاء الذين يُمدَحون، اقضِ على فقري، انظر إني مثقل بالحمل، جربني، انظر إني في حيرة".
وأضاف الشماع لـ"الوطن": "قام الفلاح بكتابه 9 شكاوى للحكومة وكانت تتضمن جمال الأسلوب والتعبير، إلا أن أعضاء الحكومة لم يرفعوا خطاباته إلى المسؤولين لأن من قام بالسطو عليه والتنمر كان يعمل لدى رئيس الحجاب، الذي استغل سلطته وكان يدعى "جحوتي نخت" حيث قام بضربه بغصن شجرة وأدخل الحمير لأملاكه والسرقة كانت في وضح النهار".
وتابع خبير المصريات: "بلغت سطور الشكاوى البليغة الخاصة بالفلاح 430 سطرا، وفي النهاية ظهرت عدالة الحاكم الذي استدعى "ابن ميرو"، رئيس الحجاب، وقال له (احكم يا ابن ميرو)، ليحكم بتجريد الموظف المتنمر من أملاكه من قمح وشعير وحمير وماشية".
واختتم حديثه بالقول: "سلم المتنمر كخادم في خدمة هذا الفلاح إلى جانب تسليم كل أملاكه للفلاح، وألا يدخل الموظف المتنمر إلى أملاكه مرة أخرى سوى كخادم".
تعليقات الفيسبوك