يبدأ غالبية الناس في الاستقلال بحياتهم، بالعيش في منزل خاص والاعتماد على أنفسهم مادياً، عند بلوع فترة العشرينيات من العمر، سواء بعد التخرج من الجامعة وإيجاد وظيفة، أو أثناء الدراسة في بلد بعيد، إلا أنه بالنسبة لـ "دانج فان خوين"، الصبي الفيتنامي ذي العشرة أعوام، كان الاستقلال بالحياة والاعتماد على النفس أمراً إجبارياً منذ سن مبكرة جداً.
تربى "دانج" على يد جدته، في قرية صغيرة بمقاطعة "توين كوانج" الفيتنامية، بعد أن توفيت أمه وهو في بداية العمر، واضطرار أبيه للسفر لمدينة بعيدة للعمل في مجال البناء لتوفير نفقات العيش له، وقد حظي الصبي الصغير بحياة هادئة، على الرغم من الفقر الشديد، وتمكن من الالتحاق بالمدرسة، بمنحة مالية حكومية، وفقاً لما نشرته جريدة "China press" الصينية على موقعها الإلكتروني.
لم يمهل القدر "دانج" حتى يكبر ويشتد عوده، فتوفي أبوه وجدته التي ترعاه، في فترة زمنية صغيرة، حيث تعرض أبوه لحادث أثناء عمله، بينما توفيت الجدة نتيجة تقدمها في السن، ووجد الصبي الصغير نفسه فجأة وحيداً تماماً، بدون أي أسرة أو شخص يرعاه.
عاش "دانج" وحده في كوخ أسرته الخشبي، الذي لا يحميه من الرياح والأمطار القاسية، وتحدى ظروفه الصعبة بزراعته للخضروات بالأراضي المحيطة بالكوخ، وجمع سيقان البامبو ليطهيها، كل ذلك دون أن يتغيب عن الذهاب للمدرسة يوماً واحداً، فهو يستيقظ يومياً في الصباح الباكر، ليركب دراجته ويذهب لمدرسته، قبل أن يؤدي فروضه المدرسية عند عودته للكوخ، ويستعد للعمل.
عندما علم أحد المدرسين بمدرسة "دانج" بظروفه الصعبة، قدم طلباً للسلطات المحلية بمساعدة الصبي الصغير، الذي أعلن أنه يريد أن يستعيد جثمان أبيه من المدينة ليعاد دفنه في القرية، وقد ساهم المدرس بالفعل في تحقيق طلب الصبي، وجمع له مبلغاً كبيراً من المال عن طريق التبرعات، حتى حقق الصبي حلمه ودفن أباه في قريته.
استمر المدرس في الاهتمام بحالة الصبي "دانج"، ونشر قصته وصوره على أحد المواقع الفيتنامية على شبكة الإنترنت، ما ساهم في معرفة عدد كبير من مستخدمي الإنترنت في فيتنام، ثم في دول أخرى، بحالة الصبي الصعبة، وانهالت العروض عليه، ما بين الرغبة في تبنيه أو إعطائه مبلغا كبيرا من المال، أو إلحاقه بدار للأيتام.
عاد "دانج" ليثبت للجميع أنه ليس مجرد صبي في العاشرة من عمره، بل هو فعلياً رجلاً قوياً وشجاعاً، ورفض جميع عروض التبني التي تلقاها، كما رفض أن يودع بدار للأيتام، حيث قال إنه قادر على العناية بنفسه وتولي شؤون حياته، وأنه يمكنه الآن القيام بجميع المهام اللازمة للمعيشة.
قال "دانج" إن أكثر ما يحزنه، هو اضطراره للنوم كل ليلة وحده، في الكوخ الخشبي القديم، مما يجعله يشعر بالوحشة، خاصة في ليالي الشتاء الباردة، التي تندفع فيها الرياح القوية عبر جدران الكوخ المفتوحة، ما يجعله يتمنى لو كان هناك من يؤنسه في وحدته ويشعره بالأمان.
تعليقات الفيسبوك