القرش هلول الذي سقط في شباك صيادي السويس
رمى البحر لمجموعة صيادين من السويس، أمس، صيدا فريدا لفت الانتباه، لأنه سمكة قرش معرضة للانقراض، ما أثار سخطا كبيرا من الكثيرين، وبالتالي دفع أجهزة الدولة إلى التحرك والوقوف على حقيقة الأمر، هل هو بالصدفة أم عمدا؟، وثبت أنه صدفة بحتة في النهاية.
الحكاية بدأت من أن مجموعة صيادين بسطاء من السويس ألقوا شباكهم أمس للحصول على رزقهم، فعاد لهم الشبك بمفاجأة رهيبة، وهي أضخم سمكة في العالم، تسمى "القرش الحوتي" أو "بهلول" كما يطلق عليه الصيادون، تركتهم في دهشة هم وكل من يمر على الطريق ويرى ما أهداهم البحر.
عاد الصيادون بغنيمتهم من البحر إلى منطقة ميناء السلخانة في السويس، ذلك المكان الذي تخرج إليه المراكب و"الفلايك" الأسماك للبيع والشراء، وهناك التقط التجار وشهود العيان صورا ومقاطع فيديو للصيد الفريد ونشروها عبر السوشيال ميديا.
وانتشرت الصور والفيديوهات سريعا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، واستنكر الكثيرون هذا الفعل، معتقدين أن صيادي السويس البسطاء اصطادو "بهلول" عمدا، ولكن اتضح أن هذا ليس صحيحا.
حكى محمد الشافعي، تاجر الأسماك الذي تواجد في ميناء السلخانة وقت خروج القرش الحوتي، أن "بهلول" وقع في شباك الصيادين بسبب أنه سُجن بالخطأ في نوع من الشباك يُستخدم لصيد سمك يدعى "الدراك"، معروف بأسنانه الحادة جدا، وهذه النوعية من الشباك يجب أن تكون قوية لصيده.
ولسوء حظ القرش، دخل فيه أثناء سيره، والتف عليه بشدة، وأي سمكة تقع في الشباك، أو "الغزل" بلغة الصيادين، حتى لو كانت ضخمة كحال القرش، تموت نتيجة الإجهاد الشديد، وهو ما أكدته وزارة البيئة، وبعدها باع صيادو السويس صيدهم النادر ونقلوه إلى القاهرة، ليباع في سوق العبور وتمت تشفيته وتقطعيه، ما أصاب الكثيرين من المهتمين بالبيئة البحرية بالصدمة.
بعد الاستهجان الكبير لهذا الفعل، علق الدكتور خالد أحمد السيد، رئيس الهيئة العامة للثروة السمكية، في تصريحات سابقة لـ"الوطن"، قائلا إنه جرى وقف المركب التي اصطادت "بهلول"، اليوم، وإجراء تحقيق بمجرد إبلاغ مدير منطقة للتحقيق، والبحث عن حدوث هذا الأمر عن طريق الخطأ أم بالعمد، وذلك لاختراقهم المعاهدات الدولية بحظر صيد هذه الأسماك النادرة والتي تحترمها مصر وتلتزم بها.
وفحص المعهد القومي لعلوم البحاروالمصايد بالسويس الـ"بهلول" الذي اصطاده صيادو السويس، وأعلن أنه من الكائنات المعرضة للانقراض والموجودة بالقائمة الحمراء للاتحاد العالمي لصون الطبيعة ووزنها 900 كيلو.
وذكر المعهد في بيان صدر اليوم أنه بعد فحص السمكة تبين أنها قرش وبياناتها التفصيلية أنها من النوع قرش الحوت والاسم الشائع Whale shark والاسم العلمي Rhincodon typus وحالة النضج الجنسي صغير السن (Juvenile) والطول 7 أمتار والوزن حوالي 900 كيلو جرام.
بعد التحقيق، أصدرت وزارة البيئة بيانا بعد رصد الحادث بمراجعة جميع الجهات المعنية ذات الصلة للكشف عن ملابسات الحادث، وقالت إنه "اتضح أن تلك السمكة نفقت بسبب دخولها في شبكة صيد أسماك ساحلية بالمنطقة المواجهة لقرية الحجاج بمدينة السويس التي تعد من الأماكن الضحلة التي لا تتناسب طبيعتها مع متطلبات معيشة هذا النوع من الأسماك".
وأضاف البيان "تشير المعلومات والحقائق العلمية إلى أن هذا النوع من الأسماك يقضى معظم فترات معيشته في المياه العميقة التي تزيد عن ألف متر ولا يتواجد في المياه الضحلة التي يقل العمق فيها عن خمسين مترا إلا لفترات زمنية محدودة جدا".
وجاء أيضا في بيان "البيئة" أن "المنطقة التي نفقت فيها السمكة بشكل خاص، وخليج السويس بشكل عام، يعد من الأماكن غير المواتية لمعيشة هذا النوع من الأسماك وأن تواجده بتلك المنطقة نتج عن خطأ في تحديد مسار هجرته السنوية من جنوب البحر الأحمر إلى الشمال والارتداد مرة أخرى في معظم الأحيان من منطقة جنوب سيناء دون الدخول في خليجي السويس والعقبة".
وأكدت وزارة البيئة أن حادث نفوق سمكة قرش الحوت بساحل مدينة السويس بالأمس هو حادث غير متعمد نتج عن تواجد السمكة في المناطق الطبيعية لممارسة أنشطة الصيد بسواحل المدينة وهو حادث عرضي يحدث في جميع دول العالم التي تتشابه بيئتها مع البيئات المصرية.
وشددت وزارة البيئة، في بيانها، على أن تحليلات نتائج أعمال الرصد الدوري لحوادث نفوق الكائنات الحية ذات الأهمية الخاصة مثل الحيتان والدرافيل والسلاحف البحرية بخليج السويس تشير إلى أنها في المستوى الأمن وضعا في الاعتبار الطبيعة الخاصة للأنشطة الاقتصادية بخليج السويس والذي يعد أحد أهم الممرات الملاحية في العالم وأكثر المناطق البحرية انتاجا للأسماك وكثافة أنشطة استكشاف واستخراج البترول.
النوع الذي يتحدث عنه محمد الشافعي، يذكر عنه موقع "national geographic" أنه مدرج حاليًا ضمن الأنواع المعرضة للانقراض، وهو السمكة الأضخم في العالم على الإطلاق، إذ يصل طوله إلى 12.192 مترا أو أكثر.
و"قرش الحوت" لا يوجد خطر منه، كما يعتبر هذا النوع من الأنواع غير المفترسة التي لا تمثل أي خطورة على الإنسان، حيث إن أسماك القرش كائن بحري طبيعي يبحث عن الغذاء، ولا يهاجم البشر إلا عندما لا يجد الطعام وهذا لا يحدث.
وهذا النوع غير المفترس يتميز بأسنان دائرية غير حادة، ويتغذى فقط على الهائمات البحرية والقشريات صغيرة الحجم، وذلك عن طريق فلترة مياه البحر.
تعليقات الفيسبوك