على شريط «كاسيت» بحجم كف اليد، سجل أبناء جيل السبعينات والثمانينات من القرن الماضى، لحظات خاصة فى حياتهم، ونقلوا بأصواتهم مشاعر الحنين والاشتياق للأهل والأحباب فى غربتهم، وتغزلوا فى الوطن بأجمل الكلمات والأشعار، واستعرضوا ذكرياتهم القديمة، التى لا تُنسى.
"رشاد": "الشريط ده كان وسيلة التواصل الوحيدة مع أهلى"
فى محافظة الشرقية، تحديداً بأحد بيوت مدينة بلبيس، يحتفظ رشاد عمورة، 80 عاماً، بشرائط «الكاسيت» القديمة، ويتخذها صديقاً له، تذكره بأجمل لحظات حياته منذ أن كان شاباً فى السبعينات: «سافرت ليبيا أشتغل، واتغربت بعيد عن أهلى سنة، وكان شريط الكاسيت الوسيلة الوحيدة وقتها عشان أطمن على أهلى وأوصل لهم أخبارى، كنت ببعت الشريط مع زمايلى اللى نازلين إجازة». تلمع عينا «رشاد» وهو يتذكر لهفته على شريط «كاسيت» يحمل صوت والدته: «صوتها كان بيدينى الأمل، كنت ببعت شريط مع حد من زمايلى، واستناه يرجع لى بشريط عليه صوت أمى بفارغ الصبر». تقاطعه شقيقته «رسمية» مسترجعة فرحتها بالشريط: «كنا بنتجمع حوالين جهاز قديم، ونشغل الشريط لحظة ما يوصلنا، عمرى ما هنسى شكل أمى وهى ماسكة الجهاز وكأنها بتحضنه، وبتقول لأخويا وعينيها بتلمع: إزيك ياحبيبى؟ انت كويس.. طمنا عليك أول بأول».
مرت السنون، استغنى «رشاد» عن أشياء وفقد أخرى، بينما شرائط الكاسيت تلازمه أينما حل، فيجمع أحفاده حوله، ليروى لهم ذكرياته المليئة بالحب والخوف والاشتياق، ويستمعون معاً للشرائط القديمة، ومن بينها شريط لمطربه المفضل فريد الأطرش، الذى ادخر كثيراً لشرائه، وكانت فرحته به لا توصف.
فى أوائل السبعينات سافر عادل الصعيدى، الذى يقطن منطقة شبرا الخيمة، إلى العراق، وسجل لعائلته أول وآخر شريط، أرسله مع أحد زملائه: «قعدت شهرين أهلى مايعرفوش عنى حاجة»، كلماته أعادت على شقيقته الذكريات: «فى يوم جالنا شريط كاسيت منه، كنا ملهوفين نسمع صوته ونطمن عليه، بعدها نزلت بسرعة أشترى شريط فاضى عشان نسجل له».
قامت حرب أكتوبر 1973، ولم يستطع «عادل» حينها أن يتواصل مع أهله، وظل أياماً وليالى ينتظر لحظة وصول الشريط الذى يسمع فيه صوت والدته؛ ليبعث فى نفسه الأمل من جديد، ويترقب لقاء ربما لن يحدث أبداً
تعليقات الفيسبوك