لعب الحمام الزاجل دور أول ساعى بريد «طائر»، بينما على الأرض ظهرت المهنة بصورة بدائية فى العصر الأموى، حيث كان ساعى البريد يتنقل لمسافات كبيرة على ظهر الخيل، الطريقة التى اختلفت تماماً فى العصر الحديث، خاصة مع تقدم خدمات الطباعة، ولم يعد البريد قاصراً على الرسائل، بل أصبح الوسيلة الأساسية لنقل الطرود، الوثائق الرسمية والحوالات المالية.
مع مرور الوقت تطورت هيئة ووظيفة ساعى البريد، وأصبح يرتدى زياً خاصاً، ويضع شارة نحاسية، ويحمل حقيبة جلدية بها مصائر قوم، كشهادة تنسيق الكلية أو حوالة بريدية يتعطش لها صاحبها، أو جواب تعيين فى جهة حكومية، لكن بظهور وسائل التكنولوجيا الحديثة، أصيبت المهنة فى مقتل، وانحسر دور ساعى البريد، لكنه لم يختفِ كليةً.
عم "أشرف": "الموزِّع لازم يكون أمين ويكتم أسرار الناس"
27 عاماً قضاها أشرف رزق موزعاً فى الهيئة العامة للبريد، لمس خلالها التغيرات الكبيرة التى طرأت على المهنة بعد دخول التكنولوجيا وسهولة التواصل بين المواطنين حتى لو بعدت المسافات بينهم: «معظم الرسائل دلوقت للبنوك والجهات الحكومية، أو حد بيبعت مستند أو حوالة أو شيك أو جواب تعيين حد مسافر بره مصر»، لافتاً إلى الصعوبات التى يواجهها موزع البريد، خلال تأدية مهمته، والتى لا بد أن يقدرها الناس: «موزع البريد لازم يكون أمين، يكتم أسرار الناس، وفى المقابل لازم الناس تبقى على ثقة من ده».
رغم انتشار وسائل الاتصال الحديثة، ما زال محمد على، 40 عاماً، يحتفظ بمهنته كموزع فى الهيئة العامة للبريد، يذهب إلى عمله كل صباح، يأخذ نصيبه من رسائل المواطنين، يطرق باب كل بيت وعلى وجهه ابتسامة لا تفارقه، على أمل أن يحمل الخير لأصحابها، لكنه لا ينكر قلة الرسائل الشخصية واقتصار الجوابات التى فى جعبته على المخاطبات والمراسلات الحكومية.
يعود جمال أنور، 50 عاماً، بذاكرته إلى فترة الثمانينات، حين كان يرسل خطابات لأصدقائه، وكانت تلك الخطابات هى الوسيلة الوحيدة للتواصل معهم والاطمئنان عليهم: «ياما بعت جوابات أطمن عليهم»، ورغم مرور سنوات طويلة ما زال يحتفظ بها، ويطالعها من حين لآخر.
تعليقات الفيسبوك