محمد محارم
شاب لا يعرف المستحيل، كما لا يعرف اليأس والإحباط التملك منه، فالفكرة التي يراها البعض مستحيلة لاعتقادهم أنه لن يقدر عليها لظروفه الخاصة، نمت في داخله يوما بعد يوم، ولم تنل إعاقته "ذراعين غير مكتملين" من عزيمته وإصراره على أن ينضم إلى صفوف الناجحين من أبناء عمره، اختبار صعب جعل من الشاب الذي لم يكمل العقد الثاني من العمر، مصورا يرى الأشياء من حوله من خلال عدسته، يتحين الفرص لالتقاط صورة مختلفة تبرز جمال منظر طبيعي أو يروي بها ملامح قصة إنسانية، حتى وضع قدميه على أول طريق النجاح غير مكترثٍ بما يقال من حوله.
منذ اللحظات الأولى له في الدنيا، شخَّص الأطباء حالة الشاب محمد محارم، صاحب الـ19عاما، بعدم اكتمال نمو الذراعين وإعوجاج في الرجل اليسرى بسبب عدم وجود رباط صليبي بها، خضع إثرها لسبع عمليات في الرجل منذ الولادة دون تغيير ملموس، فلم يكن منه ومن أسرته إلا تقبل الوضع والرضا به لكن دون يأس، فبحسب روايته، لم يشعر يوما بأن ظروفه الخاصة ستكون حائلا بينه وبين تحقيق أحلامه المتمثلة في النجاح العلمي واحتراف التصوير الفوتوغرافي.
قبل نحو عامٍ ونصف، وبعد التحاقه بكلية الألسن قسم اللغة الصينية في جامعة كفر الشيخ، بدأ محمد بدعم من أسرته الصغيرة المكونة من أب وأم وأخ واحد، أولى خطواته في مجال التصوير، وبحسب روايته، لـ"الوطن"، كان كلما مر على حالة مختلفة في طريقه يقف ليلتقط لها صورًا في تتابع يجعل منها قصة إنسانية مصورة إلى جانب حبه الشديد لتصوير المناظر الطبيعية والمباني من حوله.
الكاميرا أضحت صديقا جديدا لـ"محمد"، ترافقه أينما ذهب، فلم يجد أي صعوبة في حملها، فهو يضمها جيدا بين ذراعيه وبإصبع واحد في يده اليمنى يضغط على زر الكاميرا، بحسب وصفه، مؤكدا أن الأمر ليس مستحيلا كما يتصور الناس ولم يجد في ذلك أي توتر في أثناء ممارسته لهوايته التي أحبها.
وقت قصير مضى حتى دشن طالب كلية الألسن، صحفته الخاصة على موقع التواصل الاجتماعي، الأمر الذي ساهم في معرفة أهل مدينته التي يسكن بها "رشيد" له، وتلقي بعض الطلبات لتصوير الأفراح في نطاق محدود بمقابل مادي بسيط، إلى جانب تصويره بعض ماركات الملابس، بحسب تعبيره.
دراسة الألسن المعروفة بصعوبتها، لم تنل من عزيمة محمد الذي يسعى دائما إلى تطوير ذاته في التصوير ليصل إلى قمة النجاح ويطمح باقتناء أحدث أنواع الكاميرات في يوم ما، أو كما يقول: "نفسي أكون مصور مشهور ومعروف، ميهمنيش كلام أو نظرة الناس".
تعليقات الفيسبوك