شاب لبناني في ساحة "رياض الصلح" في بيروت لتقديم قصات الشعر المجانية للمتظاهرين
تظاهر اللبنانيون، لليوم التاسع على التوالي، للمطالبة بإسقاط الطبقة السياسية الحالية المتهمة بالفساد والفشل في إدارة مشكلات البلاد، رغم إقرار الحكومة برئاسة سعد الحريري على عجل خطة اقتصادية إنقاذية، وبدأ المتظاهرون قطع طرق رئيسية في بيروت ومناطق عدة، تأكيداً على إصرارهم على شلّ البلد وتمسكهم بمطلب رحيل الطبقة السياسية، رافضين الدعوة إلى الحوار التي أطلقها رئيس الجمهورية ميشال عون.
ولبنان بلد غني بتعدد ثقافاته وتنوع حضارته، كما أنه متعدد الأديان والطوائف، والشعب اللبناني معروف عنه أنه لا يشبه سوى نفسه فهو يجمع التناقضات، وإن كان يتم اتهامه عادة بأنه يتصرف كالأوروبي، وحتى أنه يظن نفسه أنه كذلك أحياناً، فيما طور الشعب اللبناني آليات تصرف وتعامل خاصة به متأثراً بأصوله العربية، وميله للتصرف كغربي برزت بعض العادات التي باتت عرفاً متفقاً عليه ومن لا يقوم بها لا يصنف كلبناني أصيل.
والمظاهرات التي شهدها لبنان لم تخلو من المواقف، حيث شهد آلاف المحتجّين في لبنان، في وقت سابق، على ركوع شاب من بينهم أمام حبيبته طالبًا يدها للزواج، فقالت له "نعم" على الفور، لتتعالى بعدها أصوات التصفيق الحار ممن حضروا هذا المشهد متمنين لهم حياة سعيدة، وأصبح الثنائي يُعرف بـ"عروسي الثورة"، وفقا لما ذكرته قناة "إل بي سي" اللبنانية.
وأحضر أهالي "برجا" -إحدى القرى اللبنانية من قرى قضاء الشوف في محافظة جبل لبنان- إلى موقع اعتصام المحتشدين على الأوتوستراد الساحلي في الجية، عروسا وعريسا من البلدة على وقع الطبل والزغاريد، حيث تم الاحتفال بزفافهما ورفعهما، وهما يلوحان بالعلم اللبناني، وفقا لما ذكرته قناة "إل بي سي" اللبنانية.

ونشرت وكالة الانباء الفرنسية "فرانس برس"، صورا لإحدى المتظاهرات وهي تحمل قردا يجلس على كتفها في مدينة صيدا بجنوب لبنان.
وكانت وكالة الأنباء الفرنسية "فرانس برس"، نشرت السبت الماضي، متظاهرات لبنانيات يدخن النرجلية "الشيشة".

كذلك شاركت طفلة "8 أشهر"، في المظاهرات، ولاقت صورتها تفاعلا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وشاركت الطفلة لينا رمّال، أهلها في مظاهرة "ثورة الشعب".

كما اظهرت الصور قيام أحد المتظاهرين بحمل لافتة تحمل صورة للنجمة جينفر لورنس بطلة فيلم مباريات الجوع "The Hunger Games" وبها عبارة "تذكر من هو العدو الحقيقي"، ولم تخلو مظاهرات لبنان من أفلام هوليوود، حيث أظهرت صورا نشرتها وكالة الأنباء الفرنسية، إحدى المتظاهرات اللبنانيات بوجه مطلي بشخصية فيلم "الجوكر" للممثل العالمي "خواكين فينيكس".

وكانت صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية، قالت في وقت سابق، إنه في اليوم الأول من المظاهرات في لبنان، تم وصفها بأنها ثورة "واتس آب"، الناجمة عن الضرائب الجديدة على المكالمات التي تتم من خلال التطبيق، في اليوم الثاني، أصبحت ثورة "ملكة الركل"، عندما ظهرت صورة لامرأة تركل شرطيًا في الفخذ، موضحة أنه بحلول اليوم الرابع، كانت ثورة الدي جي، حيث احتشد أكثر من ربع السكان البالغ عددهم أربعة ملايين في الشوارع، ورقصوا على الموسيقى الهادئة.
وفي اليوم التّاسع من المظاهرات في لبنان، توجّه حلاق لبناني يدعى جنيد أبو طويلة إلى ساحة "رياض الصلح" في بيروت لتقديم قصات الشعر المجانية للمتظاهرين، وقال أبو طويلة، والذي بات يُعرف بـ"حلاق الثورة" لقناة "إل بي سي 1" اللبنانية، إنّه قرّر أن يقوم بقص شعر المتظاهرين كي لا يتركوا الساحة.

وذكرت إذاعة "صوت أمريكا"، الخميس، أن اجتاحت لبنان احتجاجات غير مسبوقة ضد طبقة سياسية متهمة بنهب موارد الدولة لتحقيق مكاسب شخصية، ما أدى إلى اضطرابات في شوارع أمة تعاني بالفعل من أزمة اقتصادية عميقة، موضحة أنه بينما يفكر السياسيون في الخروج ، تدق الساعة بسبب الضغوط المالية على الدولة المثقلة بالديون ، والتي تكافح من أجل سداد الفواتير وحيث ندر الدولار.
بدورها، ذكرت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، أنه من جبل لبنان إلى جبال الديون، ما برحت حكومة رئيس الوزراء سعد الحريري تحشد جهودها لتقليل العجز الهائل في البلاد ومستوى الاقتراض على مدار العام الماضي، موضحة: سلطت سلسلة من اجتماعات مجلس الوزراء والمشاورات والتطورات منذ تشكيل الحكومة اللبنانية الأخيرة الضوء على نقاط الضعف الرئيسية في اقتصاد البلاد.
ويعد لبنان ثالث أكثر الدول مديونية في العالم، بحيث تتجاوز نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي 152%، ومن المتوقع أن ترتفع بحلول نهاية العام، فيما يبلغ إجمالي الديون المستحقة على لبنان نحو 86 مليار دولار.
وأوضحت "بي بي سي": تستهلك مدفوعات الفوائد ما يقرب من نصف الإيرادات الحكومية ، مما يعوق المالية العامة، فيما أدت زيادة أجور القطاع العام في 2017 وارتفاع أسعار الفائدة إلى زيادة عجز الموازنة.
وذكرت قناة "العربية" الإخبارية في وقت سابق، أن الدين الحكومي اللبناني يتوزع على خمس جهات رئيسية، هي: المصارف التجارية "40%"، مصرف لبنان -البنك المركزي اللبناني "35%"، المؤسسات العامة"9%"، الدائنون الأجانب والدائنون الرسميون الأجانب "16%"، موضحة: تُقدّر نسبة أرباح المصارف التجارية من ديون الدولة 50 مليار دولار.
وكانت وكالة "بلومبرج" الاقتصادية، ذكرت في وقت سابق، أن المخاطر كبيرة بالنسبة للبنان، موضحة: انتهت الحرب الأهلية في لبنان التي استمرت 15 عامًا في عام 1990، لكنها لا تزال تطارد بلدًا أصبح فيه زعماء الحرب حكامًا وبقوا في السلطة منذ ذلك الحين، وأشارت "بلومبرج"، إلى أن هذه هي الطبقة التي قال المحتجون إنها نهبت الدولة، تاركةً أنها غير قادرة على توفير الخدمات الأساسية، بما في ذلك الكهرباء، وقرب الإفلاس، فيما ذكرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، أنه في أقل من شهر، اندلعت مظاهرات ضد الفساد وانعدام الإصلاح الاقتصادي في كل من العراق ولبنان، وفي كل من البلدين، كشفت الاحتجاجات غير المسبوقة، التي هزت البلدات والمدن الشيعية، أن ممارسة النظام الإيراني لنفوذه في المنطقة قد فشل.
تعليقات الفيسبوك