في العام الثالث من الهجرة، وقعت معركة أُحد، بين المسلمين وقريش، وكانت ثاني أكبر المعارك بينهم بعد معركة بدر الكبرى، والتي وقعت في العام الأول من الهجرة.
وسميت الغزوة بـ"أحد" نسبة إلى جبل أحد الواقع بالقرب من المدينة المنورة، فقد وقعت المعركة في أحد السفوح الجنوبية له.
وكان السبب الرئيسي للغزوة هو رغبة قريش في الانتقام من المسلمين بعد أن ألحقوا بها الهزيمة في غزوة بدر، وشهدت الغزوة قتالا عنيفا هز أركان المسلمين، وأظهر الصادق في ايمانه والغير ذلك، وامتد أثر المعركة إلى غير المؤمنين، حيث انضم إلى المعركة الصحابي عمرو بن ثابت، والذي كان مشركا حتى يوم المعركة، واستفزه ما وقع بالمسلمين من مقتلة حيث قُتل سبعون صحابيا في المعركة، فانطلق مقاتلا ومعلنا إسلامه في ذات اليوم.
عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنه كان يقول: أخبِروني عن رجل دخل الجنة، ولم يصلِّ لله عز وجل صلاةً؟ فإذا لم يعرفه الناس يقول: "أُصَيْرِمُ بني عبدالأشهل: عمرو بن ثابت"؛ وذلك أنه كان يأبى الإسلام، فلما كان يوم أُحُدٍ بدا له في الإسلام فأسلَم، ثم أخذ سيفه فأثبتتْه الجراح، فخرَج رجال بني عبدالأشهل يتفقدون رجالهم في المعركة، فوجدوه في القتلى في آخر رمق، فقالوا: هذا عمرو، فما جاء به؟ فسألوه: ما جاء بك يا عمرو؟ أحدَبًا على قومك أم رغبةً في الإسلام؟ فقال: بل رغبة في الإسلام، أسلمتُ وقاتلتُ حتى أصابني ما ترون، فلم يبرحوا حتى مات، فذكروه لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"إنه لمِن أهل الجنة".
ويروي أهل السير والتاريخ: "عاش الصحابي عمرو بن قيس، مشركا محاربا للإسلام، كارها للنبي والمسلمين، وكان يمنعه من الإسلام أن له مالا من الربا، يخشى إن أسلم أن يضيع عليه، وكره أن يسلم حتى يأخذه، فلما كانت غزوة أحد، فتح الله بين قلبه والإسلام، وجاء يسأل عن أبناء عمه، وعن أناس من قومه، فقيل له: إنهم خرجوا لقتال المشركين بأُحد، فخرج للجهاد، فرآه بعض المسلمين، فحاولوا إبعاده عن المعركة وكانوا يظنوه كافرا، فهددوه لكي يبعد عن الميدان أو أن يذهب للجانب الآخر الذي ينتمي إليه وهم المشركين، فقال لهم "عمرو": إني آمنت، ثم قاتل حتى أثخنته جراحه، وأشرف على الموت، فحملوه إلى قومه بني عبد الأشهل، فسألوه عن سبب مجيئه أهو حمية لقومه، أم غضب لله ورسوله؟ فقال: بل غضب لله ورسوله، ثم مات شهيدا، ولم يصل لله صلاة واحدة، ثم ذكروا أمره للنبي صلى الله عليه وسلم فشهد له بالجنة قائلا: إنه لمن أهل الجنة".
وكان الصحابي "عمرو" يلقب بـ"أصيرم" وأصبح صاحب لقب، الصحابي الذي دخل الجنة بشهادة رسول الله ولم يركع ركعة واحدة.
تعليقات الفيسبوك