«الكل وقت الأزمة بيشمَّر وينزل».. كان هذا شعار المصريين على اختلاف وظائفهم وطبقاتهم.. فخلال نصف ساعة من مساء أمس الأول غرقت شوارع وميادين بالقاهرة الكبرى بمياه الأمطار، وعجز المواطنون عن السير فيها، وتعطلت الحركة، ما دفع كثيرين للتطوع بالمساعدة، وكان أولهم ضباط وأفراد إدارة مرور القاهرة، الذين تركوا مكاتبهم وشكَّلوا خلية نحل فى الشوارع يتقدمهم قياداتهم بدلاً من البقاء فى مكاتبهم المكيفة والمتابعة عن بُعد.
"شريف" نزل بـ"عربية جيب": الحكومة وحدها لا تكفى
وفى مشهد بطولى، بادر عامل بنك بنقل الموظفين على كرسى بـ«عَجَل» من وسط المياه التى تركزت فى مدخله.. شخص آخر كانت مهمته مساعدة المواطنين على تجاوز المياه بأحد الشوارع العمومية عبر نقلهم بـ«ونش»، وفى التجمع الخامس نشر شريف خيرى صورة لسيارته «الجيب»، معلناً استعداده لتوصيل أى شخص فى محيط القاهرة الجديدة: «عربيتى مجهزة، وحبّيت أشارك فى الخير».
يرى «خيرى» أن «الحكومة وحدها لا تكفى» لتلبية احتياجات جميع المواطنين، وأضاف أن واجب كل مواطن المبادرة بالمساعدة وقت الأزمات: «السنة اللى فاتت فيه بيوت غرقت وعربيات باظت وفرش راح بالكامل، السنة دى مش عايزين ده يحصل تانى».
انتقل «شريف» حديثاً لمنطقة سكنه بالتجمع، وانضم لـ«جروب» خاص بملّاك السيارات «الجيب» ونشر رقم هاتفه المحمول لاستقبال طلبات المساعدة.. تلقَّى العديد من الاتصالات، كان معظمها من خارج نطاق مسكنه بل ومن خارج القاهرة الكبرى: «ناس كلمتنى من شرم بس كان صعب أروح وأسيب الناس هنا».
قيادات المرور فى قلب الحدث
وإذا كنتَ ممن ساقتهم ظروف عملهم للوجود فى الشارع لحظة سقوط الأمطار وإغلاق الطرق، فمن المؤكد أنك رأيت اللواء عمرو البيلى، مدير الإدارة العامة لمرور القاهرة، واقفاً فى شارع صلاح سالم بين رجاله ليوجههم بتسيير الحركة المرورية انتظاراً لوصول سيارات الشفط التابعة للمحافظة، غير مكترث بضوابط «الأناقة» التى يفرضها منصبه، وقد ابتلَّت ملابسه بالكامل، وإن كنت قريباً من نفق العروبة وامتداده، فلا شك أنك تابعت اللواء مؤمن سعيد، وكيل إدارة مرور القاهرة، يخوض فى بِرك مياه الأمطار داخل النفق ليهيئ الطريق بصحبة زملائه من صغار الضباط والأفراد لدخول عربات شفط مياه الأمطار.
ورغم الانتقادات التى وجَّهها مواطنون غاضبون للمحليات، وللمحافظ نفسه، بدعوى عدم الاستعداد الكافى لمواجهة أزمة المطر فى ظل ما قدمته هيئة الأرصاد من توقعات، فإن رجال المرور، يساعدهم متطوعون من المواطنين، كانوا جزءاً أصيلاً من ملحمة شعبية وطنية فى إنقاذ الآخرين، فترى 3 ضباط من إدارة المرور يساعدون سائق تاكسى تعطلت سيارته بعرض الشارع، وهناك آخرون قاموا بدور «عمال» فى رفع أحجار من الشارع، كان شاغلهم ليس فقط أداء وظائفهم فى توفير طرق بديلة وإدارة عملهم المرورى، بل كان شعارهم: «زينا زى ناسنا اللى فى الشارع».
شباب إمبابة يساعدون فى نزح المياه
وفى إمبابة، قرر محمد جبل النزول برفقة 30 شاباً من طلاب معهد الخدمة الاجتماعية لمساعدة كبار السن، عن طريق تمهيد الطرق وإزاحة مياه الأمطار والطين بمساعدة رئاسة الحى فى أماكن شعبية، مثل أرض عزيز عزت والبصراوى: «ده واجب علينا»، مؤكداً أنها ليست المرة الأولى، بل فى كل حالة طوارئ يبادر بالنزول وتقديم المساعدة، لافتاً إلى أنه سبق أن شارك فى تشجير وتنظيف منطقته ونشر ثقافة التطوع.
وفى شارع «الخليفة المأمون» بمصر الجديدة، اعتمدت هناء لمعى، مشرفة أوتوبيس مدرسة خاصة، طريقة «الهزار» مع التلاميذ لطمأنتهم بأن الوضع مؤقت: «قعدوا ياخدوا صور مع المطرة، لأن الميه كانت فوق الرصيف ومغطية كل حاجة، وفضلت أقول لهم اللى ما راحش مصيف المصيف جاله عنده، وفضلت أستقبل طبعاً مكالمات أهاليهم عشان يطمنوا عليهم».
تعليقات الفيسبوك