رجل أربعيني يقف على مقاعد الطلاب داخل إحدى الكليات، ممسكا في يده فرشاة يستخدمها في طلاء الحوائط، وتبدو عليه علامات التعب والإرهاق، إلا أنه ظل محتفظا بابتسامته خلال هذا العمل، يفعل ذلك ولا يبالي بمشقته.
الأربعيني لم يكن "صنايعي" جاء لينجز عملًا يتقاضى عليه أجرًا ويرحل، وإنما هو عميد الكلية، الذي قرر أن يخلع بدلة الأستاذ الجامعي، ويرتدي ملابس "النقاش" الملطخة بألوان "البوية" من أجل تجميل مكان يعيش فيه مع طلابه ساعات طويلة يوميًا، ويحتاج قبل أن يتشاركوا العلم فيه، أن يجتمعوا على حبه.
ظهر الدكتور محمد عبدالعظيم، عميد كلية الهندسة جامعة المنصورة، البالغ من العمر 46 عاما، وهو يعمل في تلوين حوائط مدرجات ومعامل الكلية، في محاولة منه لتجميلها حتى تليق بمكانة الكلية، وتعطي مظهرا إيجابيا للطلاب خلال حضورهم بقاعات ومدرجات الكلية.
يروي عبدالعظيم لـ"الوطن"، أن الكلية بدأت منذ 10 أيام عملية لتجميل المدرجات والقاعات التي لم يجري تجديدها منذ سنوات، وأصبحت ملطخة بالعديد من الأوساخ والكشط، شارك بها أساتذة وطلاب الكلية بهدف تجميل مظهر الكلية.
عبدالعظيم: كان ممكن أجيب ناس تدهن الحوائط وفضلت كلنا نتشارك في تجديد مكاننا
رغب "عبدالعظيم"، في إشارك الطلاب وأعضاء هيئة التدريس حتي يزداد تعلقهم بالكلية، ودمجهم في المجتمع، "كان ممكن أجيب ناس تدهن الحوائط، بس فضلت أننا كلنا نتشارك عشان ده مكاننا، الطلاب لما يشتغل في تجميل شيء في جامعته هيحافظ عليه.. عكس ما يكون جاهز".
حالة من الفرحة والحماس كانت على وجه الطلاب واعضاء هيئة التدريس المشاركين في تجميل قاعات وحوائط الجامعة، "كانوا أسرع مني في الشغل.. بتحس أن كلهم طاقة وهما شغالين.. وبالفعل الطلاب هما اللي بيحافظوا على الأشياء بعد تجميلها"، حسب حديثه.
ويرى "عبدالعظيم"، أن اختيار الدولة له في منصب عميد كلية الهندسة وهو في هذا السن، ليس للجلوس على مكتبه، وانما ليكون على قرب من الطلاب، ويشاركهم نشاطاتهم وتوجيههم للطريق الصحيح، وهو ما يعمل على تنفيذه برفقة زملائه من أعضاء هيئة التدريس.
لم يكن يدري أن صورته وهو يعمل في دهان حوائط الكلية تم نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي، ونالت إشادات وإعجاب الكثيرين، "أنا مكنتش أعرف أني بتصور وبعتولي الصور بعدها، ومكنتش أعرف أنها تم نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي".
تعليقات الفيسبوك