مهما أثبت الإنسان من ذكاء وحقق إنجازات غير مسبوقة فى ميادين العلم، يأتى أمام الطبيعة ويقف ساكناً، فهى دوماً تتفوق عليه بقوتها، وهو ما حدث فى أرض الأرز لبنان مؤخراً، بعد أن وقع أكثر من 100 حريق منذ يوم الأحد الماضى، لم تبقِ على شىء خصوصاً فى الجنوب، فنسبة كبيرة فى منطقة الشوف وإقليم الخروب شهدت حرائق مروعة، وبفعل سرعة الرياح والحرارة العالية توغلت الحرائق حتى مداخل بيروت، فسقط ثلاثة قتلى.
مع بطء التحركات الحكومية، لم يكن أمام المواطنين سوى شىء واحد لإنقاذ أرضهم، هو التطوع بالمشاركة فى عمليات الإطفاء لتقليل نسبة الخسائر وتوفير المستلزمات الضرورية للمتضررين، سواء ملابس، ومستلزمات طبية، وطعام ومياه، أما قنوات الاتصال فكانت وسائل التواصل الاجتماعى.
تجمعوا بواسطة جروب على "واتس آب" وبدأوا العمل يداً بيد مع أفراد الدفاع المدنى
إطلاق حملة لمساعدة الناس التى تضررت من الحرائق، كان حسب سينتيا عادل، أحد المتطوعين للمساعدة فى إطفاء الحرائق ونشر المساعدات، هو الحل الذى فكرت فيه بسرعة، عقب انتشار الحرائق بسرعة رهيبة، وتم الاعتماد على تطبيق «الواتساب» لعمل مجموعة كبيرة تم ضم كل الأشخاص الراغبين فى تقديم يد المساعدة، سواء بالمال، أو توفير أماكن استضافة، أو حتى توفير المواد الطبية والطعام: «فيه مناطق كانت مدمرة أكثر من غيرها مثل الدامور والمشرف والدبية وحارة الناعم فى لبنان، ومع تأخُّر التحرك الحكومى، قررنا نحن شباب بلا أى انتماء سياسى أو دينى صنع جروب كبير على الواتس، مع نشر المتطلبات التى نريدها كل فترة على فيس بوك وتويتر، وهذا أقل واجب نصنعه لأهلنا وبلدنا الحبيب، وبالفعل كانت التبرعات أكثر مما نتوقع ومما طلبنا، لدرجة أننا نشرنا بعدها فيديو نقول للناس لا نريد شيئاً مرة أخرى كفى تبرعات».
أما عماد بزى، الذى يعمل فى إحدى منظمات المجتمع المدنى، شارك فى جمع التبرعات وإطفاء الحرائق، فأكد أن وسائل التواصل الاجتماعى كانت الوسيلة التى ربطت بين الجميع لإنقاذ لبنان، فتم طرح أرقام التليفونات الخاصة بالمنظمات والأشخاص الذين لديهم وسائل لإطفاء الحرائق، كذلك كان يستخدمها البعض فى الإعلان عن توفير أماكن لاستضافة الأشخاص الذين بلا مأوى، سواء كانت شققاً سكنية أو فنادق: «المتطوعون قاموا بعمل مذهل، أبسط مثال وضع خطة لمكافحة الحرائق فى محيط محمية أرز الشوف دون انتظار للتدخل الحكومى، بالاتفاق مع السكان، من حيث توفير وحدات مراقبة، وتوفير صناديق مياه للشرب، وتأمين المياه لسيارات الدفاع المدنى، ودعوتنا الوحيدة: الله يحمى لبنان».
تعليقات الفيسبوك