ابتعد عن الناس، فكر كثيرا في الانتحار، ظن أنه سيظل غارقا في هذا الجحيم ولن يخرج منه أبدا، إلى أن جاء الفرج، تعرف على أصدقاء لم يجرحوا مشاعره يوما بمظهره الأنثوي، فعلم أن المشكلة ليست في شكله، إنما حسبما أخبرته أسرته "الناس اللي عندها نقص.. أنت طبيعي".
مأساة يعيشها مصطفى ناصر، الطالب في كلية التجارة جامعة قناة السويس، والذي يتصف بملامح أنثوية تلفت الأنظار، وتجعله مادة خصبة للمراهنات بين المارة: "هو ده ولد ولا بنت؟".
يجري مصطفى مسرعاً ليستقل سيارة أجرة يتنقل بها ليقضي أغراضه المختلفة، فهو لا يحب السير مترجلاً لكثرة الانتقادات التي يتعرض لها في الشارع، وإذا اضطر إلى السير يسد أذنيه بسماعة حتى لا تؤذيه التعليقات الساخرة.
"ما بيعديش يوم إلا وبتعرض للسخرية، كنت واخد الكلام في الأول هزار، بعد كده بقت التعليقات صعبة زي: يا واد يا بت"، يتحدث "مصطفى" عن عصارة لكل أشكال التنمر، منذ أن التحق بالمدرسة وحتى وصل إلى الجامعة.
بالطبع أثر مظهر مصطفى على علاقاته بالآخرين، لم يستطع أن يكون صداقات حقيقية في بادئ الأمر: "كانوا بيقولوا لي ما ينفعش نقرب منك علشان أنت شكلك غريب، كانوا بيضحكوا عليا ومكنش ليا أصحاب، كرهت المدرسة والجامعة وجالى اكتئاب".
أسودت الدنيا في عين "مصطفى" من فرط الإهانة التي يتعرض لها، فقرر الانعزال عن الجميع: "سنة كاملة كنت حابس نفسى في أوضتي، فكرت في الانتحار، لحد ما لقيت فيه ناس بيدعموني، مش فارق معاهم شكلي فبقى عندي ثقة بنفسي ووعى بحالتي، إضافة إلى وقوف أهلي بجانبي.. طمنوني، قالولي إني طبيعي، لكن الناس هي اللي عندها نقص".
لم يفكر "مصطفى" في زيارة طبيب بشري أو نفسي، ولجأ إلى التطلع لنماذج عانت من التنمر وسخافات الآخرين ليستمد منها الثقة بالنفس والصبر: "مش حاسس إن عندي مشكلة، حابب نفسي كده ومش عاوز أتغير، ومفيش حاجة أعالجها، شاهدت فيديوهات كثيرة على موقع (يوتيوب)، لأناس عانوا من التنمر بسبب هيئتهم ونجحوا في حياتهم".
تعرف مصطفى على أصدقاء بحق للمرة الأولى في حياته، كان بمثابة هدية من السماء ليستمر في مشوار حياته غير مكترث بما يقوله الآخرون، "اتعلمت منهم كتير وتأثرت بهم ومحستش معاهم بالاختلاف، بدأت أعيش حياتي زي الناس، عديت مرحلة مكنتش متوقع أنها تعدي".
يشعر "مصطفى" بطاقة إيجابية لم يشعر بها من قبل، وأصبح مدربا في معهد Ichoreo لتعليم رقص "الفتنس" مثل "الأيروبكس".
تعليقات الفيسبوك