يعاني بعض الناس من حالة تسمى "فرط الحساسية للمجال الكهرومغناطيسي"
ارتبطت كلمات مثل "أشعة" و"موجات إشعاعية" بالعديد من المخاوف في أذهان الناس، ربما بسبب الأفلام والقصص والأخبار المتعلقة بالأسلحة النووية والتسرب الإشعاعي، ومع حلول القرن الـ21، ووصول التقدم التكنولوجي لمراحل غير مسبوقة، زادت مخاوف البعض من المخاطر المحتملة للأجهزة الكهربائية والإلكترونية المنتشرة في عالمنا المعاصر، بسبب واحد من أكثر المصطلحات التي يساء فهمها واستعمالها حالياً.. وهو "المجال الكهرومغناطيسي"، أو "Electromagnetic Field"، المعروف اختصاراً بـ "EMF"
يقول "ديفيد روبرت جريمز"، الباحث في مجال الأمراض السرطانية، في حواره مع موقع "Mashable"، إن انبعاث موجات كهرومغناطيسية من جميع الأجهزة التي نستخدمها في حياتنا هو أمر لا يمكن إنكاره، ولكن الأمر الذي مازال غير واضحاً بالقدر الكافي، على الأقل بالنسبة لعامة الناس، هو مدى ارتباط تلك الموجات ببعض الأمراض والأعراض الصحية السلبية، حيث أن أغلب الناس لا يفرقون بين الأشعة المؤينة "Ionizing"، وهي الأشعة التي يمكن أن تسبب أضراراً صحية عند التعرض لها لفترة طويلة، مثل أشعة الشمس والأشعة السينية (X-Ray)، وبين الأشعة غير-المؤينة، أو الحميدة، وهي تشمل تقريبا كل أنواع الأشعة المستخدمة في التكنولوجيا الحديثة.

وانقسم المهتمون بقضية تأثير الموجات الكهرومغناطيسية على الإنسان إلى قسمين أساسيين، فمنهم من أخذ بالتقارير الصادرة عن هيئة الغذاء والدواء الفيدرالية الأمريكية "FDA"، واللجنة الفيدرالية للاتصالات "FCC"، التي تؤكد أنه لا يوجد علاقة بين موجات شبكات الهواتف والـ"واي فاي" وبين أي أعراض صحية سيئة، واعتبرها دليلا يعتد به على عدم وجود مخاطر في استخدام الأجهزة الحديثة.
فريق آخر من الناس لم يثق بالتقارير الصادرة من المؤسسات الصحية والحكومية، سواء في الولايات المتحدة الأمريكية أو في دول أخرى، على اعتبار أن مثل هذه التقارير قد تكون صدرت تحت ضغط من شركات التكنولوجيا والاتصالات والمؤسسات المالية العالمية.
مع التقدم المتسارع في مجال الاتصالات، بدأت حملات التحذير من الأضرار الكامنة في الأجهزة الذكية تتصاعد وتنتشر عبر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، ومن أشهرها هاشتاج "EMFprotection#" على موقع إنستجرام، بالإضافة إلى العديد من الصفحات على وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، واكتسبت بعض المواقع الإلكترونية شهرة متزايدة، مثل موقع "We Are The Evidence"، أو "نحن الدليل".
كما انتشرت الظاهرة بيع المنتجات المخصصة لحجب الأشعة الكهرومغناطيسية عن الإنسان، مثل أغطية خاصة بالهواتف المحمولة وستائر لحجب الأشعة الموجودة خارج المنزل، وكذلك الكريستالات والإكسسوارات المصنوعة من مواد معينة، مثل الأحجار الكريمة، والتي يفترض أنها تقي الإنسان أضرار الأشعة الكهرومغناطيسية، وتحويل الطاقة السلبية إلى طاقة إيجابية.
وعلى الرغم من عدم وجود علاقة مباشرة وواضحة بين الأشعة الكهرومغناطيسية والأمراض المختلفة، فإن مرض "فرط الحساسية للمجال الكهرومغناطيسي"، أو "Electromagnetic Hyper sensitivity" يعتبر مرضاً حقيقياً معترف به من منظمة الصحة العالمية، ويعاني المصابون به من أعراض متباينة، تشمل الالتهاب الجلدي والإرهاق والصداع.
لكن الاعتراف بوجود حساسية مرضية من المجال الكهرومغناطيسي لم يكن نهاية المطاف بالنسبة للفريق المنادي بمخاطر الهواتف المحمولة والإنترنت، فهناك نقطة أخيرة أثارها الأطباء، تفند مزاعم هذا الفريق، وهي أنه لا يوجد دليل على أن الأعراض التي يشعر بها الأشخاص المصابون بالمرض تنتج فعلا عن التعرض للمجال الكهرومغناطيسي.

العديد من التجارب التي تم إجرائها على الأشخاص المصابون بمرض "فرط الحساسية للمجال المغناطيسي" وجدت أن ظهور الأعراض واختفائها غير مرتبط بوجود مجال كهرومغناطيسي حقيقي حول المصاب.
وكان يتم تعريض المصابين لدرجات متفاوتة من المجال كهرومغناطيسي، بعلمهم وبغير علمهم، كما كان يتم الإيحاء إليهم بوجود مجال مغناطيسي غير حقيقي، وقد انتهت الدراسات إلى أن إحساس المصابين بالأعراض يعتمد بشكل كبير جدا على الحالة النفسية والذهنية للمصاب.
يرى "ديفيد" أن الرأي الأصوب، الذي يستند لحقائق علمية وتجارب حقيقية، هو أن الموجات الكهرومغناطيسية المختلفة التي تنتج عن استخدام الأجهزة الحديثة، مثل الهاتف المحمول وأجهزة الـ "واي فاي" وأفران المايكروويف، لا تؤدي إلى الإصابة بأي أمراض، إلا أنه يمكن أن يتم الحد من استخدام بعض هذه الأجهزة من قبل بعض الأشخاص، الذين يشعرون أن كثرة استخدام مثل هذه الأجهزة تصيبهم بأعراض جسدية أو عصبية أو نفسية غير مرغوب فيها.
تعليقات الفيسبوك