الجنيه المصري
الأخطاء اللغوية والحركات الإعرابية عادة ما تؤدي إلى نتائج كارثية إذا غيرت المعنى المرجو منها أو أدت إلى فهم شيء ليس مرتبطًا بها خاصة إذا تعلق الأمر بالأسماء والأرقام، مثلما حدث مع أصل "الجنيه المصري" عندما بدأت الكتابة عنه بالصحف والكتب المطبوعة دون ضبط في الإملاء؛ ليلفظ في فترة فتمت قراءته على أنه "جنّيّة" من الجن والجان.
وبحسب سلسلة من المؤلفات المعنية بتاريخ النقود عند العرب، صدرت عام 1939، في القاهرة، ضمن مصنف واحد تحت عنوان "النقود العربية وعلم النمّيات" وبه نخبة مما كتب في تاريخ النقد الإسلامي، منذ عصر ما قبل الإسلام، حتى فترة صدور الكتاب، نشرت جميعها على يد اللغوي المشهور الأب أنستاس ماري الكرملي البغدادي الذي كان عضوا في مجمع فؤاد الأول، للغة العربية في القاهرة، فإن أهالي إحدى المدن العربية، اعتادوا قراءة الجنيه المصري بصفته مؤنثا للجنّي، وفقا لـ"العربية.نت".
بالرجوع لكتاب "النقود العربية وعلم النمّيات"، وجدنا أن أصل التهجئة الخاطئة للجينه يعود للعراق، فالمؤلف ذكر أن العراقيين لم يسمعوا عن الجنيه المصري، بل قرأوه في الصحف المصرية والكتب المطبوعة واعتادوا التلفظ به كـ"جنية" مؤنث الجنّي.
وفي كتاب "النقود العربية"، يقول المؤلف: "لقد حاولنا مرارًا أن نصلح خطأ من يقرأها هذه القراءة المسيئة، فكان جواب القارئ: يجب أن تُلفظ جنية، لأنه هذا الذهب المصري يسحر العقول والأنظار كبنات الجن"، في إشارة إلى أولى أشكال الجنيه والذي كان عبارة عن عملة معدنية وليسة ورقية كالأيام الحالية.
وعبارة "بنات الجن" الواردة بكتاب اللغوي البغدادي، ربما تكون غير مألوفة على الأسماع في التوقيت الحالي، لكنها تعبر عن تشابه التلفظ باسم الجنيه مع "الجنية"، وبالتبعية اتربط اسم الجنيه بأعمال السحر، وكأن من يمتلك نقودا فقد امتلك سحر الحصول على كل ما يريده.
والصحيح أن الجنيه دخل مصر على يد الإنجليز وهم يكتبونه Guinea، وفي رواية أخرى أن أصله اسم قُطر بأفريقيا مشهور بجلب الذهب والعبيد منه.
والجنيه الإنجليزي مُنع طبعه منذ 1817، فبقي الاسم خاصًا بالعملة المصرية أو كما يقول العراقيون "الدينار المصري"، وفق ما اعتاد أهل العراق التلفظ به.
ومن الجنيهات التي كانت معروفة في مصر قبل قرن "جنيه مجيدي" وهو الدينار العثماني وجنيه أفرنجي وجنيه مصري.
تعليقات الفيسبوك