حالة إصابة بالكوليرا -صورة أرشيفية-
يمتد اللون الأزرق إلى أطرافه، ويتمدد المريض على سريره متألمًا، وتبدأ بألم حاد بالمعدة، وإسهال مائي شديد، بسبب بكتريا بسيطة تناولها مع كوب من الماء الملوث، فأصيب بـ"الكوليرا"، هذا المرض الذي فتك بالبشر وخلَّف ضحايا بالملايين خلال أقل من قرنين فقط، وها هو يعود مرة أخرى.
الكوليرا في السودان واليمن
ويبدو أن القارة السمراء على موعد مع موجة جديدة من وباء الكوليرا، فقد كثرت الأخبار حول انتشار هذا المرض في السودان، في ولاية النيل الأزرق جنوب البلاد، وتم الإعلان عن وفاة 5 أشخاص وإصابة العشرات، وخوفا من زيادة أعداد الإصابة بهذا المرض تم عزل المرضى في "مراكز العزل".
وقبل السودان، فإن اليمن لا يزال يئن تحت وطأة توغل الكوليرا بين أبنائه، حتى إن بعض تقارير منظمة الصحة العالمية أكدت أن عدد الإصابات من أكتوبر 2016 حتى ديسمبر 2017، تخطى مليون شخص، ووصلت أعداد الوفيات 2000 شخص، ما يدفعنا إلى التساؤل كيف انتشر هذا الوباء في العالم، وما هو أصله، وهذا ما ستناوله في التقرير التالي....
الكوليرا.. أصلها هندي
وفقًا للوثائق التاريخية فإن مرض الكوليرا من أصل هندي، حيث ظهر للمرة الأولى في القرن التاسع عشر، مع وجود نهر الغانج الذي اعتبر بمثابة خزان ماء ملوث، وقد انتقل إلى العالم بسبب طرق التجارة في البر والبحر.
انتشرت الكوليرا من الهند، ثم إلى روسيا، فأوروبا، وبعدها أمريكا الشمالية، ورغم هذا سرعان ما تمت السيطرة على هذا المرض بسبب الاهتمام بنظافة الماء، ووضع الكلور كمادة أساسية للقاء على هذه البكتريا، لكنه حتى الآن يؤثر على الدول النامية.
هجمات وباء الكوليرا
عرف العالم قسوة ومخاطر الكوليرا 4 مرات، خلال القرن التاسع عشر، وفيما يلي هذه الهجمات..
الهجمة الأولى للكوليرا.. عدد موتى لا حصر له
بدأت الهجمة الأولى لوباء الكوليرا في الفترة ما بين 1816 إلى 1826، وبدأ المرض في الهند وتحديدًا في ولاية البنغال، وبحلول عام 1820 انتشر في جميع البلاد، وأدى هذا الوباء لوفاة 10 آلاف جندي بريطاني، وعدد لا حصر له من الهنود، وانتقل الوباء إلى إندونيسيا وبحر قزوين قبل أن تقدر 100 ألف شخص.
ويقدر ضحايا خلال الهجمة الأولى للكوليرا 15 مليون شخص في الهند فقط، فيما وصلت إجمالي عدد الوفيات 23 مليون إنسان.
الهجمة الثانية للكوليرا.. تسافر روسيا
جاءت الهجمة الثانية من الكوليرا خلال الفترة من 1829 إلى 1851، وصل خلالها لروسيا، وعرفت خلال تلك الفترة "كينج كوليرا"، بسبب كثرة حالات الوفاة، فقتل في المجر حوالي 100 ألف شخص، وفي لندن 55 ألف شخص، أما في باريس فمات 20 ألف شخص، من أصل 650 ألف شخص في المدينة.
وعانت مصر في تلك الهجمة حيث مات أكثر من 150 ألف شخص، كما تفشى الوباء في مكة المكرمة 15 ألف شخص.
الهجمة الثالثة للكوليرا.. تقضي على سكان
خلال الهجمة الثالثة لوباء الكوليرا كانت خلال الفترة من 1852 إلى 1860، حيث تسبب المرض في وفاة مليون شخص في روسيا، وتفشي المرض مرة أخرى في إيران والعراق والسعودية وروسيا.
وأودى الوباء من 5.5% من السكان في شيكاغو، وحصد الوباء حياة 738 ألف شخص في لندن، وتم اكتشاف أن سبب المرض هو الماء الملوث، وتم اكتشاف هذا خلال 50 عاما، ما جعل هناك تمويلا لبناء وصيانة نظام مياه صالحة للشرب.
الهجمة الرابعة للكوليرا.. أوروبا وأفريقيا
جاءت الهجمة الرابعة للكوليرا خلال الفترة 1863 إلى 1875، وقد انتشر خلالها في أوروبا وأفريقيا، وانتشر في السعودية، وهناك إحصائيات تقدر ما بين 30 إلى 90 ألف حاج بمكة المكرمة ضحية لهذا المرض.
وفي روسيا حصدت 90 ألف شخص، ووفاة أكثر من 165 ألف شخص في النمسا، وخسرت إيطاليا 113 ألف شخص.
هجمات الكوليرا
خلال الفترة ما بين 1863 إلى 1994، هاجمت الكوليرا العالم 3 مرات، وأودت بحياة ما يقرب من 5 ملايين شخص وفقا لإحصائيات منظمة الصحة العالمية.
وبداية من القرن الواحد والعشرين، كانت هجمات الكوليرا تنحصر في بعض المناطق الصغيرة، وتمثل أفريقيا 87% من هذه الحالات.
وفي 2007، أدى نقص مياه الشرب إلى انتشار وفاء الكوليرا في العراق، وتم إبلاغ الأمم المتحدة 22 حالة وفاة.
وفي 2016 تفشى المرض في اليمن، بسبب الحروب ونقص التغذية ومياه الشرب.
وفي 2019 تفشى المرض في السودان
تعليقات الفيسبوك