بعد أن أتم العشرين عاماً، وأكمل تعليمه البسيط، وكان يأمل فى هذه الحياة عيشةً مبهجة، خرج يبحث عن عملٍ يكسب منه قوت يومه، كى يساعد والده على المعيشة فلم يجد، كان والده فلاحاً بسيطاً فى قرية من قرى الريف، قبل أن يمرض ويصبح لا يقدر على العمل، فوجد الولد نفسه وحيداً يتحمل مسئولية البيت، وانتابه إحساس الشقا والتعب وظل يبحثُ عن عملٍ يخرجه وأسرته من ذل الفقر الذى يعيشون فيه إلى أن وجد عملاً شاقاً ينهك قواه يوماً بعد يوم، وكان يتحمل كى يساعد والده على الحياة إلى أن زاد المرض على والده حتى وافته المنية، زادت المسئولية على الابن، ومع ضغوط المعيشة الصعبة بات الابن لا يفكر فى نفسه وكل همه أن ينعم أهل بيته من أمه وأخواته الصغار وأن يدخل عليهم البهجة والسرور، وذات مرة نظر هذا الابن فى المرآة فوجد شخصاً آخر لا يعرفه من قبل، فقد تغير شكله وباتت ملامحه لعجوز ذى شعر أبيض وعينين ذابلتين ومنهكتين، فأخذ يفكر فيما مضى من عمره، وظل يبكى على حاله، وحزن حزناً شديداً على نفسه حتى تملكه اليأس من الحياة، وذهب باكياً للمسجد ورآه شيخ بعد الصلاة وأقبل عليه وسأله: ما بك يا ولدى؟ فرد عليه وقال: ليس بى سوى الحزن على ما مضى وحالى الآن، فقال له الشيخ العجوز: لا تيأس يا بنى وكن ذا إيمان قوى ولا تقنط من رحمة الله.
محمود حجاج
يتشرف باب "نبض الشارع" باستقبال مشاركاتكم المتميزة للنشر، دون أي محاذير رقابية أو سياسية، آملين أن يجد فيه كل صاحب رأي أو موهبة متنفساً له تحمل صوته للملايين.. "الوطن" تتلقى مقالاتكم ومشاركاتكم على عنوان البريد التالي
تعليقات الفيسبوك