من بين كل متاحف العالم، يمثل متحف دكتور "توماس موتر"، الواقع في مدينة "فيلادلفيا" بولاية "بنسلفانيا" حالة خاصة. وإذا كان بعض الأطباء والعلماء قد يكونوا سمعوا به أو حتى زاروه، فإن غالبية الناس لا يعلمون بوجوده.
شعبية متحف "توماس موتر" المحدودة ربما تكون راجعة لمجاله، ولطبيعة المعروضات التي يحتويها؛ فالمتحف لا يعرض قطعا أثرية قديمة ولا نباتات نادرة ولا مقتنيات المشاهير، بل يحوي مجموعة من أكثر العينات الطبية غرابة وندرة وإثارة للخوف، كما جاء في التقرير الذي عرضه موقع “All That’s interesting”
المتحف يحوي ما يزيد عن 25 ألف قطعة، تتنوع ما بين أدوات طبية قديمة، وأورام مستأصلة، وعظام أو أطراف بشرية محفوظة، وأجنة مصابة بطفرات أو أمراض نادرة، جعلتها أشبه بكائنات أفلام الرعب. وبالرغم من أن المتحف ربما يبدو للوهلة الأولى كعينات جمعها عالم مجنون أو قاتل لا يعرف الرحمة، إلا إن هذا المتحف فعلياً بدأ كمشروع علمي بحت، هدفه الأول، وربما الوحيد، هو جمع أكبر كم من الحالات الطبية النادرة والمستعصية، من أجل الدراسة والأبحاث العلمية.
المتحف أنشأه دكتور "توماس دنت موتر"، الجراح الأمريكي، الذي كان يتميز بالبراعة والاهتمام الشديد بالطب والجراحة منذ كان طالباً، والذي عُرف كواحد من أكثر الأطباء تعاطفاً مع المرضى، حتى أولئك المرضى المصابين بحالات أو أمراض مستعصية أو نادرة ليس لها علاج، الذين يعزف أغلب الأطباء عن محاولة علاجهم، ويبتعد عنهم الناس ويتنمرون بهم، واصفين إياهم بالوحوش أو المسوخ.
في خلال رحلته كجراح، جمع دكتور "موتر" ما يصل إلى 1700 عينة طبية، حيث افتتح المتحف الشهير سنة 1863، والذي ظل يحمل اسمه إلى الآن.
المتحف يضم العديد من المجموعات، من أبرزها مجموعة "أجساد محطمة، أرواح معذبة: الإصابة، الموت، والشفاء"، الذي يركز على المعاناة الجسدية والنفسية التي كان يمر بها المشاركون في الحرب الأهلية الأمريكية، حيث يضم مجموعة من الخطابات، والأدوات الطبية، والأشلاء، والأسلحة.
من المجموعات المشهورة الأخرى بالمتحف، مجموعة "تشريح جريم: السحر والطب"، والتي تغوص داخل عالم الأخوين "جريم"، الذين ألفا مجموعة من أشهر وأجمل قصص الأطفال، مثل: سندريلا، بيضاء الثلج، الجمال النائم، هانسل وجريتل. إلا أن المعرض لا يهتم بقصص الأخوين "جريم" من ناحية جمالية، بل ينظر إلى الجاني المظلم، غير المعروف، في أعمالهما.
فالحقيقة التي لا يعرفها اغلب الناس، أن النسخ الحقيقية لقصص الأخوين "جريم" كانت كثيراً ما تحوي وصفاً لممارسات غير محببة، تتعلق بالعقاب والتأديب، أو بتفاصيل أخرى كانت موجودة في الوقت الذي كتب فيه الأخوين قصصهم، قد لا تعجب الناس في عصرنا الحالي.
القائمون على متحف "موتر"، بداية من دكتور "توماس موتر" نفسه، على علم ووعي تام بالطبيعة المقبضة والكئيبة للمتحف، إلا أنهم بذلوا قصارى جهدهم لضمان أن زوار المتحف، أياً كان تخصصهم أو عمرهم، سيحققون أكبر استفادة ممكنة من زيارتهم للمتحف، حتى لو تطلب ذلك أن يروا أشياء قد تكون مخيفة أو مقززة. القائمون على المتحف لم يجدوا أفضل من هذه العبارة، للتعبير عن رؤيتهم بالنسبة لمقتنيات المتحف.. "هل أنت مستعد لأن يتم تعليمك.. بطريقة مخيفة؟".
تعليقات الفيسبوك