عالم صامت، حياة هادئة، صرخات مكتومة لا يستطيعون إطلاقها.. هكذا كان حال مشجعى المنتخب المصرى من الصم والبكم، أمس الأول، فى ثانى مباريات المنتخب المصرى ببطولة أمم أفريقيا، يُظهرون حبهم لبلدهم بإحساسهم وملامح وجوههم دون كلام، حاملين أعلام مصر، ومتفائلين بالمكسب والصعود.
فى تمام العاشرة مساء، أطلق حكم مباراة مصر والكونغو صافرة البداية، ووجّه جميع الجالسين بمؤسسة صنّاع مستقبل مصر، بمنطقة فيصل، تركيزهم الكامل لكل ما يرونه ظاهراً على الشاشة لمشاهدته، حتى يستوعبوا ما يحدث، فأعين الصم والبكم هى وسيلتهم الوحيدة للمتابعة، عوضاً عن حاستَى السمع والكلام المحرومين منهما، بينما تتوسطهم أمهاتهم لمشاركتهم التشجيع، وأحياناً يشرحن لهم الوضع إذا احتاجوا ذلك.
فاطمة على، ١٨ عاماً، من سكان الهرم، لم تشارك من قبل فى تشجيع أى فريق، ولكن عندما عرفت أن المنتخب ينافس على البطولة، قررت تقديم المساندة والتشجيع، حسبما ذكرت والدتها «هالة حسن»، ٣٩ عاماً، بينما جاء زياد عصام، ١٣ سنة، بالصف السابع الابتدائى بمدرسة الصم والبكم بالجيزة، وهو متابع لكل مباريات فريق الزمالك، لحبه الشديد لطارق حامد: «بيحب يلعب كورة، ومعلق صورة لعيبة الزمالك على الحيطة»، هكذا قالت والدة «زياد»، جيهان محمد، ٤٢ عاماً، والتى تسكن فى منطقة الطالبية.
فيما جلس ناصر عماد، ٨ سنوات، برفقة والدته لمتابعة المباراة، وبمجرد تسجيل الهدف الأول انقلب صمتهم إلى صراخ وهتافات عالية، متفائلين بتوقعاتهم، وتحقيق رغبتهم فى الفوز، فمنهم من رفع يده وأشار بعلامة النصر، وآخرون عبّروا عن مشاعر الحب، والرغبة فى تسجيل هدف آخر للاعب محمد صلاح. قبل نهاية الشوط الأول من المباراة جاءت اللحظة الحاسمة بتسجيل المنتخب الوطنى الهدف الثانى، لتنفجر صيحاتهم مرة أخرى، ويقفز آخرون، مع تصفيق حار من أمهاتهم، فرحة بالهدف الذى سجله محمد صلاح، لترفرف الأعلام المصرية فى الغرفة الجالسين بها، وتتجلى الضحكات مع ترجمة نديم مختار، ٣٥ عاماً، مترجم لغة إشارة بالمؤسسة السابق ذكرها، للمواقف المضحكة.
قرر «نديم» أن يُسعد أبناءه كما يسميهم، خلال فترة مباريات بطولة الأمم، بترجمة المباريات الخاصة بالبطولة، من وقت لآخر، ليشاركهم الفرحة: «بحاول أوصّل لهم الكلام المضحك اللى بيتقال فى الماتش، وبقول لهم على أى حاجة مهمة، مش موجودة فى الصورة».
تعليقات الفيسبوك